الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (78) قوله تعالى : يلوون : "صفة لـ " فريقا " فهي في محل نصب ، وجمع الضمير اعتبارا بالمعنى لأنه اسم جمع كالقوم والرهط ، قال أبو البقاء : " ولو أفرد على اللفظ لجاز "وفيه نظر إذ لا يجوز : " القوم جاءني " .

                                                                                                                                                                                                                                      والعامة على " يلوون "بفتح الياء وسكون اللام وبعدها واو مضمومة ثم أخرى ساكنة ، مضارع لوى أي : فتل . وقرأ أبو جعفر وشيبة بن نصاح ، وأبو حاتم عن نافع : يلوون بضم الياء وفتح اللام وتشديد الواو الأولى من لوى مضعفا ، والتضعيف فيه للتكثير والمبالغة لا للتعدية ، إذ لو كان لها لتعدى لآخر لأنه متعد لواحد قبل ذلك ، ونسبها الزمخشري لأهل المدينة وهو كما قال : فإن هؤلاء رؤساء قراء المدينة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ حميد : " يلون "بفتح الياء وضم اللام بعدها واو مفردة ساكنة ، ونسبها الزمخشري لمجاهد وابن كثير ، ووجهها هو بأن الأصل : " يلوون "كقراءة العامة ، ثم أبدلت الواو المضمومة همزة ، وهو بدل قياسي كأجوه وأقتت ، ثم خففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وهو اللام وحذفت الهمزة فبقي وزن يلون : يفون بحذف اللام والعين ، وذلك أن اللام وهي الياء حذفت لالتقاء الساكنين لأن الأصل : " يلويون "كيضربون فاستثقلت الضمة [ ص: 271 ] على الياء فحذفت فالتقى ساكنان : الياء وواو الضمير فحذفت الياء لالتقائهما ، ثم حذفت الواو التي هي عين الكلمة بما قدمته لك .

                                                                                                                                                                                                                                      وألسنتهم : جمع لسان وهذا على لغة من ذكر ، وأما على لغة من يؤنثه فيقول : هذه لسان فإنه يجمع على ألسن نحو : ذراع وأذرع وكراع وأكرع ، وقال الفراء : " لم نسمعه من العرب إلا مذكرا "ويعبر باللسان عن الكلام لأنه ينشأ منه وفيه ، والمراد به ذلك أيضا التذكير والتأنيث .

                                                                                                                                                                                                                                      واللي : الفتل ، يقال : لويت الثوب ولويت عنقه أي : فتلته والمصدر اللي والليان ، قال :


                                                                                                                                                                                                                                      1345 - قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا



                                                                                                                                                                                                                                      والأصل : لوي ولويان ، فأعل وهو واضح بما تقدم في " ميت "وبابه ، ثم يطلق اللي على الإراغة والمراوغة في الحجج والخصومة تشبيها للمعاني بالأجرام .

                                                                                                                                                                                                                                      و بالكتاب متعلق بيلوون وهو تعلق واضح ، وجعله أبو البقاء حالا من الألسنة قال : " تقديره ملتبسة بالكتاب أو ناطقة بالكتاب " ، والضمير في لتحسبوه يجوز أن يعود على ما دل عليه ما تقدم من ذكر اللي والتحريف أي : لتحسبوا المحرف من التوراة ، ويجوز أن يعود على مضاف محذوف دل [ ص: 272 ] عليه المعنى والأصل : يلوون ألسنتهم بشبه الكتاب لتحسبوا شبه الكتاب الذي حرفوه من الكتاب ، ويكون كقوله تعالى : أو كظلمات في بحر ثم قال " يغشاه "والأصل : أو كذي ظلمات ، فالضمير من " يغشاه "يعود على ذي المحذوف . و من الكتاب هو المفعول الثاني للحسبان . وقرئ " ليحسبوه "بياء الغيبة والمراد بهم المسلمون أيضا ، كما أريد بالمخاطبين في قراءة العامة ، والمعنى : ليحسب المسملون أن المحرف من التوراة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية