الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعز -: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ؛ أي: اتقوه فيما يحق عليكم أن تتقوه فيه؛ قال بعضهم: " حق تقاته " : أن يطاع [ ص: 449 ] فلا يعصى؛ وأن يذكر فلا ينسى؛ ومعنى " يذكر فلا ينسى " : أن يذكر عند ما يجب من أمره؛ فلا يتجاوز أمره؛ وقال بعضهم: هذه الآية منسوخة؛ نسخها قوله - جل وعز -: فاتقوا الله ما استطعتم ؛ وقوله - جل وعز -: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ؛ و " تقاة " : أصلها: " وقاة " ؛ وهي من " وقيت " ؛ إلا أن الواو لم تأت في هذا المثال على أصلها؛ ولم يقل في هذا المثال شيء إلا والتاء فيه مبدلة من الواو؛ وكذلك قالوا: " تخمة " ؛ إنما هي من " الوخامة " ؛ وكذلك قالوا في " فعال " ؛ نحو " التراث " ؛ و " التجاه " ؛ و " تجاه " ؛ في معنى المواجهة؛ وهذا المثال فيه أوجه: إذا بنيت " فعلة " ؛ من " وقيت " ؛ قلت: " تقاة " ؛ وهو الذي يختاره النحويون؛ ولم يأت في اللغة على هذا المثال شيء إلا وقد أبدلت التاء من واوه؛ ويجوز أن يقال: " وقاة " ؛ و " أقاة " ؛ لأن الواو إذا انضمت؛ وكانت أولا؛ فأنت في البدل منها بالخيار؛ إن شئت أبدلت منها همزة؛ وإن شئت أقررتها على هيئتها؛ وإن شئت في هذا المثال خاصة أبدلت منها التاء. وقوله - جل وعز -: ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ؛ لفظ النهي واقع على الموت؛ والمعنى واقع على الأمر بالإقامة على الإسلام؛ المعنى: كونوا على الإسلام؛ فإذا ورد عليكم الموت صادفكم على ذلك؛ وإنما جاز هذا لأنه ليس في الكلام لبس؛ لأنه يعلم منه أنهم لا ينهون عما لا يفعلون؛ ومثله في الكلام: " لا أرينك ههنا " ؛ فالنهي واقع في اللفظ على المخاطبة؛ والمعنى: " لا تكونن ههنا؛ فإن من كان ههنا رأيته " ؛ ولكن الكلام قصد به إلى الإيجاز؛ والاختصار؛ إذ لم يكن فيه نقص معنى.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية