الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4109 ) فصل : وإن ساقاه على ثمرة موجودة ، فذكر أبو الخطاب فيها روايتين ; إحداهما ، تجوز . وهو اختيار أبي بكر ، وقول مالك ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأبي ثور ، وأحد قولي الشافعي ; لأنها إذا جازت في المعدومة مع كثرة الغرر فيها ، فمع وجودها وقلة الغرر فيها أولى . وإنما تصح إذا بقي من العمل ما يستزاد به الثمرة ، كالتأبير

                                                                                                                                            [ ص: 228 ] والسقي ، وإصلاح الثمرة ، فإن بقي ما لا تزيد به الثمرة ، كالجذاذ ونحوه ، لم يجز ، بغير خلاف . والثانية لا تجوز . وهو القول الثاني للشافعي ; لأنه ليس بمنصوص عليه ، ولا في معنى المنصوص ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من ثمر أو زرع ، ولأن هذا يفضي إلى أن يستحق بالعقد عوضا موجودا ينتقل الملك فيه عن رب المال إلى المساقي . فلم يصح ، كما لو بدا صلاح الثمرة ، ولأنه عقد على العمل في المال ببعض نمائه ، فلم يجز بعد ظهور النماء ، كالمضاربة ، ولأن هذا يجعل العقد إجارة بمعلوم ومجهول ، فلم يصح ، كما لو استأجره على العمل بذلك . وقولهم : إنه أقل غررا

                                                                                                                                            قلنا : قلة الغرر ليست من المقتضي للجواز ، ولا كثرته الموجودة في محل النص مانعة ، فلا تؤثر قلته شيئا ، والشرع ورد به على وجه لا يستحق العامل فيه عوضا موجودا . ولا ينتقل إليه من ملك رب المال شيء ، وإنما يحدث النماء الموجود على ملكهما على ما شرطاه ، فلم تجز مخالفة هذا الموضوع ، ولا إثبات عقد ليس في معناه إلحاقا به ، كما لو بدا صلاح الثمرة ، كالمضاربة بعد ظهور الربح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية