الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفود العرب

وفي سنة تسع ، قدمت وفود العرب على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وكانت تسمى بذلك ، ففيها قدم وفدبني تميم الذي تقدم ذكره .

وفيها : قدم وفد بني عامر ، فيهم عامر بن الطفيل ، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر ، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر ، قاله ابن إسحاق : قال : وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم ، فقدم عامر بن الطفيل ، عدو الله ، على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو يريد الغدر به ، وقد قال له قومه : يا عامر ، إن الناس قد أسلموا فأسلم ، قال : والله لقد كنت آليت لا أنتهي حتى يتبع العرب عقبي ، فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ؟ ثم قال لأربد : إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف . فلما قدموا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال عامر بن الطفيل : يا محمد خالني ، قال : "لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له" قال : يا محمد خالني . وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به ، فجعل أربد لا يحير شيئا . فلما رأى عامر ما يصنع أربد قال : يا محمد خالني . قال : "لا ، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له" . فلما أبى عليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا . فلما ولى ، قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "اللهم اكفنيعامر بن الطفيل" .

فلما خرجوا من عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال عامر ، لأربد : ويلك يا أربد ، أين ما كنت أمرتك به ؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك ، وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا . قال : لا أبا لك ، لا تعجل علي ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل ، حتى لا أرى غيرك ، أفأضربك بالسيف ؟

وخرجوا راجعين إلى بلادهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر [ ص: 313 ] بن الطفيل الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول ، فجعل يقول : يا بني عامر ، أغدة كغدة البكر ، في بيت امرأة من بني سلول !

ثم خرج أصحابه حين واروه التراب ، حتى قدموا أرض بني عامر ، فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا : ما وراءك يا أربد ؟ قال : لا شيء ، والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله . فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يبيعه ، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما .


التالي السابق


الخدمات العلمية