الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تسبب عن هذا القول الصادق أنه لا محيص عن عذابهم، قال مجيبا لترققهم إذ ذاك نافيا لما قد يفهمه كلامهم من أنه محتاج إلى العبادة: فذوقوا أي: ما كنتم تكذبون به منه بسبب ما حق معي من القول بما أي بسبب ما نسيتم لقاء يومكم [وأكده] وبين لهم بقوله: هذا أي عملتم - في الإعراض عن الاستعداد لهذا الموقف الذي تحاسبون فيه ويظهر فيه العدل - عمل الناسي له مع أنه مركوز في طباعكم أنه لا يسوغ لذي علم وحكمة أن يدع عبيده [ ص: 253 ] يمرحون في أرضه ويتقلبون في رزقه، ثم لا يحاسبهم على ذلك وينصف مظلومهم، فكان الإعراض عنه مستحقا لأن يسمى نسيانا من هذا الوجه أيضا ومن جهة أنه لما ظهر له من البراهين، ما ملأ الأكوان صار كأنه ظهر، وروي ثم نسي. ثم علل ذوقهم لذلك أو استأنف لبيان المجازاة به مؤكدا في مظهر العظمة قطعا لأطماعهم في الخلاص، ولذا عاد إلى مظهر العظمة فقال: إنا نسيناكم أي عاملناكم بما لنا من العظمة ولكم من الحقارة معاملة الناسي لكم، فأوردنا النار كما أقسمنا أنه ليس أحد إلا يردها، ثم أخرجنا أهل ودنا وتركناكم فيها [ترك] المنسي.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ما تقدم من أمرهم بالذوق مجملا، بينه بقوله مؤكدا له: وذوقوا عذاب الخلد أي المختص بأنه لا آخر له. ولما كان قد خص [السبب] فيما مضى، عم هنا فقال: بما كنتم أي جبلة وطبعا تعملون من أعمال من لم يخف أمر البعث ناوين أنكم لا تنفكون عن ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية