الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4120 ) فصل : ويلزم العامل بإطلاق عقد المساقاة ما فيه صلاح الثمرة وزيادتها ، مثل حرث الأرض تحت الشجر ، والبقر التي تحرث ، وآلة الحرث ، وسقي الشجر ، واستقاء الماء ، وإصلاح طرق الماء وتنقيتها ، وقطع الحشيش المضر والشوك ، وقطع الشجر اليابس ، وزبار الكرم ، وقطع ما يحتاج إلى قطعه ، وتسوية الثمرة ، وإصلاح الأجاجين ، وهي الحفر التي يجتمع فيها الماء على أصول النخل ، وإدارة الدولاب ، والحفظ للثمر في الشجر وبعده حتى يقسم ، وإن كان مما يشمس فعليه تشميسه ، وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل ، كسد الحيطان ، وإنشاء الأنهار ، وعمل الدولاب ، وحفر بئره ، وشراء ما يلقح به

                                                                                                                                            وعبر بعض أهل العلم عن هذا بعبارة أخرى ، فقال : كل ما يتكرر كل عام فهو على العامل ، وما لا يتكرر فهو على رب المال . وهذا صحيح في العمل . فأما شراء ما يلقح به ، فهو على رب المال ، وإن تكرر ; لأن هذا ليس من العمل . فأما البقرة التي تدير الدولاب

                                                                                                                                            [ ص: 232 ] فقال أصحابنا : هي على رب المال ; لأنها ليست من العمل ، فأشبهت ما يلقح به . والأولى أنها على العامل ; لأنها تراد للعمل ، فأشبهت بقر الحرث ، ولأن استقاء الماء على العامل إذا لم يحتج إلى بهيمة فكان عليه ، وإن احتاج إلى بهيمة كغيره من الأعمال . وقال بعض أصحاب الشافعي : ما يتعلق بصلاح الأصول والثمرة معا ، كالكسح للنهر ، والثور هو على من شرط عليه منهما ، وإن أهمل شرط ذلك على أحدهما ، لم تصح المساقاة

                                                                                                                                            وقد ذكرنا ما يدل على أنه على العامل . فأما تسميد الأرض بالزبل إن احتاجت إليه ، فشراء ذلك على رب المال ; لأنه ليس من العمل ، فجرى مجرى ما يلقح به ، وتفريق ذلك في الأرض على العامل ، كالتلقيح . وإن أطلقا العقد ، ولم يبينا ما على كل واحد منهما ، فعلى كل واحد منهما ما ذكرنا أنه عليه . وإن شرطا ذلك ، كان تأكيدا

                                                                                                                                            وإن شرطا على أحدهما شيئا مما يلزم الآخر ، فقال القاضي وأبو الخطاب : لا يجوز ذلك . فعلى هذا تفسد المساقاة ، وهو مذهب الشافعي ; لأنه شرط يخالف مقتضى العقد ، فأفسده ، كالمضاربة إذا شرط العمل فيها على رب المال . وقد روي عن أحمد ما يدل على صحة ذلك ; فإنه ذكر أن الجذاذ عليهما ، فإن شرطه على العامل ، جاز . وهذا مقتضى كلام الخرقي في المضاربة ; لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد ، ولا مفسدة فيه ، فصح ، كتأجيل الثمن في المبيع ، وشرط الرهن والضمين والخيار فيه ، لكن يشترط أن يكون ما يلزم كل واحد من العمل معلوما ، لئلا يفضي إلى التنازع والتواكل ، فيختل العمل ، وأن لا يكون ما على رب المال أكثر العمل ; لأن العامل يستحق بعمله ، فإذا لم يعمل أكثر العمل ، كان وجود عمله كعدمه ، فلا يستحق شيئا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية