الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 264 ] مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " فإن سلم بعضهم لم يكن لبعض إلا أخذ الكل ، أو الترك .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يجوز للشفعاء أن يفرقوا صفقة المشتري عليه ؛ لأنه لا يجوز أن يدفعوا عن أنفسهم ضررا بإدخال مثله من الضرر ، فإذا عفا أحد الشفعاء الثلاثة كان للآخرين أن يأخذا جميع الشقص ، أو يعفوا عنه . ولو عفا اثنان فكان للآخر أن يأخذ جميعه ، أو يعفو عنه ، فلو أخذها الحاضر من الثلاثة ثم ردها بعيب كان لمن قدم من الغائبين أن يأخذ الكل ، أو يذر ؛ لأن رد الحاضر بالعيب كالعفو عن الشفعة ، فلو كان الشفيع واحدا أخذ جميع الشقص ، أو يعفو عنه ، وقد ذكرنا ما يكون عفوا . فأما إن ضمن الشفيع عن المشتري ثمن الشقص للبائع بأمر المشتري صح الشراء ، ولزم الضمان ، وكان الشفيع على شفعته ، ولا يكون ضمانه للثمن تسليما للشفعة ، وهكذا لو ضمن الشفيع عن البائع درك المبيع للمشتري بأمر البائع ، أو بغير أمره صح الشراء ، ولزم الضمان وكان الشفيع على شفعته ، ولا يكون ذلك تسليما للشفعة .

                                                                                                                                            وهكذا لو شرط البائع خيار الشفيع فاختار الشفيع إمضاء البيع ، كان له الشفعة ، وقال أبو حنيفة : لا شفعة للشفيع في هذه المواضع الثلاثة ، ويكون ذلك تسليما منه لها ؛ لأن البيع به قد تم فكان هو البائع . وهذا خطأ ؛ لأن شفعة الشفيع مستحقة بتمام البيع فإن فعل ما يتم به البيع كان أولى أن تجب له الشفعة ، فعلى هذا لو ضمن الثمن ، فطالبه البائع به ، فغرمه له ، ثم أخذ الشقص بالشفعة نظر : فإن كان ضمانه للثمن بأمر المشتري ، فقد برئ الشفيع مما استحقه المشتري عليه بالثمن ؛ لأنه قدم تعجيله عنه إلى البائع ، وإن كان ضمانه للثمن بغير أمر المشتري لم يبرأ بما استحقه المشتري عليه من الثمن ؛ لأنه تطوع بغرمه للبائع ويحكم بدفعه ثانية إلى المشتري ، وإن كان الشفيع ضمن للمشتري درك المبيع ثم أخذ منه الشقص بشفعته ثم استحق من يده لم يرجع على المشتري بعهدته ؛ لأن المشتري إذا استحق من يده لم يرجع على الشفيع بعهدته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية