الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون

                                                                                                                                                                                                                                      تتجافى جنوبهم أي: تنبو وتتنحى. عن المضاجع أي: الفرش، ومواضع المنام. والجملة مستأنفة لبيان بقية محاسنهم، وهم المتهجدون بالليل. قال أنس رضي الله عنه: نزلت فينا معاشر الأنصار ; كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي [ ص: 85 ] العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أنس أيضا رضي الله عنه أنه قال: نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، وهي صلاة الأوابين. وهو قول أبي حازم، ومحمد بن المنكدر. وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال عطاء: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر في جماعة. والمشهور أن المراد منه صلاة الليل، وهو قول الحسن، ومجاهد، ومالك، والأوزاعي، وجماعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل». وعن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها: «قيام العبد من الليل». وعنه صلى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الأولين والآخرين، جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق كلهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، فيقومون وهم قليل، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء، فيقومون وهم قليل، فيسرحون جميعا إلى الجنة، ثم يحاسب سائر الناس». وقوله تعالى: يدعون ربهم حال من ضمير «جنوبهم»، أي: داعين له تعالى على الاستمرار; خوفا من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته، وطمعا في رحمته. ومما رزقناهم من المال ينفقون في وجوه البر والحسنات.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية