الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ثم قد تكون ) العلة ( رافعة أو دافعة أو فاعلتهما ، وصفا حقيقيا ظاهرا منضبطا ، أو عرفيا مطردا ، أو لغويا ) في الأصح ، فيكون الوصف المجعول علة ثلاثة أقسام ; فإنه تارة يكون دافعا لا رافعا ، ويكون رافعا لا دافعا ويكون دافعا رافعا ، وله أمثلة كثيرة فمن الأول : العدة ، فإنها دافعة للنكاح إذا وجدت في ابتدائه ، لا رافعة له إذا طرأت في أثناء النكاح فإن الموطوءة بشبهة تعتد وهي باقية على الزوجية ومن الثاني : الطلاق ، فإنه يرفع حل الاستمتاع ولا يدفعه ; لأن الطلاق إلى استمراره لا يمنع وقوع نكاح جديد بشرط ، ومن الثالث : الرضاع ، فإنه يمنع من ابتداء النكاح ، وإذا طرأ في أثناء العصمة رفعها ، وإنما كان هذا وشبهه من موانع النكاح يمنع من الابتداء والدوام لتأبده واعتضاده ; لأن الأصل في الارتضاع الحرمة ، وتكون العلة أيضا وصفا حقيقيا ، وهو ما يعقل باعتبار نفسه ، ولا يتوقف على وضع ، كقولنا : مطعوم ، فيكون ربويا فالطعم مدرك بالحس ، وهو أمر حقيقي ، أي لا تتوقف معقوليته على معقولية غيره .

ويعتبر فيه أمران ، أحدهما : أن يكون ظاهرا لا خفيا ، الثاني : أن يكون منضبطا ، أي متميزا عن غيره . ولا خلاف في التعليل به وتكون العلة أيضا وصفا عرفيا ويشترط فيه أن يكون مطردا لا يختلف بحسب الأوقات ، وإلا لجاز أن يكون ذلك العرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره فلا يعلل به . مثاله : الشرف والخسة في الكفاءة وعدمها فإن الشرف يناسب التعظيم والإكرام ، والخسة تناسب ضد ذلك فيعلل به بالشرط المتقدم وتكون العلة أيضا : وصفا لغويا مثاله : تعليل تحريم النبيذ [ ص: 491 ] لأنه يسمى خمرا . فحرم كعصير العنب وفي التعليل به خلاف والصحيح : صحة التعليل به قطع به ابن البناء في العقود والخصائل قال : كقولنا في النباش : هو سارق فيقطع ، وفي النبيذ خمر فيحرم وصححه غيره من العلماء . قال المحلي : بناء على ثبوت اللغة بالقياس ومقابل الأصح قول : بأنه لا يعلل الحكم الشرعي بالأمر اللغوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية