الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تنـزع الناس [20] قيل : تنزعهم من الحفر التي كانوا حفروها ( كأنهم أعجاز نخل منقعر ) النخل تذكر وتؤنث لغتان جاء بها القرآن ، وزعم محمد بن جرير أن في الكلام حذفا ، وأن المعنى تنزع الناس فتتركهم كأعجاز نخل . قال فتكون الكاف على هذا في موضع نصب بالفعل المحذوف ، وهذا لا يحتاج إلى ما قاله من الحذف . والقول فيه ما قاله أبو [ ص: 292 ] إسحاق قال : هو في موضع نصب على الحال أي تنزع الناس أمثال نخل منقعر أي في هذه الحال . قال أبو جعفر : وهذا القول حقيقة الإعراب فإن كان على تساهل المعنى فالمعنى يؤول إلى ما قاله محمد بن جرير . وقد روى محمد بن إسحاق قال : لما هاجت الريح قام نفر سبعة من عاد فاصطفوا على باب الشعب فسدوا الريح عمن في الشعب من العيال ، فأقبلت الريح تجيء من تحت واحد واحد ثم تقلعه فتقلبه على رأسه فتدق عنقه حتى أهلكت ستة وبقي واحد يقال له : الخلجان فجاء إلى هود صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هؤلاء الذين أراهم كالبخاتي تحت السحاب قال : هؤلاء الملائكة عليهم السلام قال : إن أسلمت فمالي قال : تسلم قال : أيقيدني ربك من هؤلاء الذين في السحاب؟ قال : ويلك هل رأيت ملكا يقيد من جنده؟ قال : لو فعل ما رضيت قال : فرجع إلى موضعه ، وأنشأ يقول :


                                                                                                                                                                                                                                        لم يبق إلا الخلجان نفسه يا شر يوم قد دهاني أمسه



                                                                                                                                                                                                                                        ثم لحقه ما لحق أصحابه فصاروا كما قال جل وعز "كأنهم أعجاز نخل منقعر" . وقال مجاهد في تشبيههم بأعجاز نخل منقعر : لأنه قد بانت أجسادهم من رؤوسهم فصاروا أجساما بلا رءوس ، وقال بعض أهل النظر : التشبيه للحفر التي كانوا فيها قياما صارت الحفر كأنها أعجاز نخل . قال أبو [ ص: 293 ] جعفر : وهذا القول قول خطأ ، ولو كان كما قال كان كأنها أو كأنهن ، وأيضا فإن الحفر لم يتقدم لها ذكر فيكنى عنها . وأيضا فالتشبيه بالقوم أولى ولا سيما وهو قول من يحتج بقوله .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية