الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 413 ] 350 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا كم هي من جزء من الأجزاء التي هي النبوة ؟

2169 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة .

2170 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير الهمداني ، عن عبيد الله العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 414 ]

2171 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا عبيد بن إسحاق العطار ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن عبد الله الأصم ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 415 ]

2172 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا شيبان النحوي ، عن فراس ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، فقال قائل : فقد رويتم هذه الآثار كما قد رويتم مما فيه أن الرؤيا جزء من سبعين جزءا من النبوة ، وأنتم تروون عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالفها وأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

2173 - وذكر ما قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، [ ص: 416 ] عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

2174 - وما قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

2175 - وما قد حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، وحدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال أخبرنا [ ص: 417 ] هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ،

2176 - وما قد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا الخضر بن محمد بن شجاع ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن سليمان بن عريب ، قال :

سمعت أبا هريرة يقول لابن عباس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رؤيا العبد الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة فقال ابن عباس : من خمسين . ، [ ص: 418 ]

2177 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا الرجل الصالح يراها أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

2178 - وما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو مسهر الغساني ، قال : حدثنا يحيى بن حمزة ، قال : حدثني يزيد بن عبيدة ، عن أبي عبيد الله ، قال أبو جعفر : وهو كاتب أبي الدرداء ، قال أبو مسهر ، وهو مسلم بن مشكم ، إنه حدثه ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : الرؤيا ثلاث : فمنها تهويل من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ، ومنها ما يهم الرجل في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءا من [ ص: 419 ] النبوة ، فقلت : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال هذا القائل : وهذا اضطراب شديد مرة يروون أنها جزء من سبعين جزءا من النبوة ، ومرة يروون أنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، ومرة يروون عن ابن عباس ما لا يجوز أن يكون قاله إلا توقيفا أنها جزء من خمسين جزءا من النبوة .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن جميع ما رويناه من الآثار في هذا محتمل ما لا تضاد فيه وهو أن الرؤيا جزء من أجزاء من النبوة جعلت بشارات .

2179 - كما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، عن سباع بن ثابت ، عن أم كرز الكعبية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبت النبوة وبقيت المبشرات . ، [ ص: 420 ]

2180 - كما قد حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن عطاء بن يسار ، عن شيخ من أهل مصر ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن قوله عز وجل : لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، قال : الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ، وفي الآخرة قال : الجنة .

[ ص: 421 ] فاحتمل أن يكون الله عز وجل كان جعلها في البدء جزءا من [ ص: 422 ] سبعين جزءا من النبوة فيكون ما يعطى من رآها أو رئيت له بها ذلك الجزء من النبوة فضلا منه عليه وعطية منه إياه ثم زاده بعد ذلك أن يجعل ما يعطيه بها جزءا من خمسين جزءا من النبوة ، ثم زاده بعد ذلك أن جعل ما يعطيه بها جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

فإن قال قائل : وكيف لم يجز أن يكون قليلها هو الناسخ لكثيرها ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الله عز وجل لا ينتزع من عباده فضلا تفضل به عليهم إلا بحادثة يحدثونها يستحقون بها ذلك منه ، كما قال الله عز وجل : فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم الآية ، وكما قال الله عز وجل : ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فلم يكن ممن أنعم عليه عز وجل بكثير من أجزاء النبوة ما يستحقون به حرمان ذلك والرد إلى قليل أجزائها ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية