الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( ذكر رحمة ربك عبده زكريا )

                                                                                                                                                                                                                                            فيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في لفظة " ذكر " أربع قراءات صيغة المصدر أو الماضي مخففة أو مشددة أو الأمر ، أما صيغة المصدر فلا بد فيها من كسر رحمة ربك على الإضافة ثم فيها ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : نصب الدال من " عبده " والهمزة من " زكرياء " وهو المشهور .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : برفعهما والمعنى وتلك الرحمة هي عبده زكرياء عن ابن عامر .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 153 ] وثالثها : بنصب الأول وبرفع الثاني والمعنى رحمة ربك عبده وهو زكرياء .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما صيغة الماضي بالتشديد فلا بد فيها من نصب : رحمة . وأما صيغة الماضي بالتخفيف ففيها وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : رفع الباء من " ربك " ، والمعنى ذكر ربك عبده زكرياء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : نصب الباء من " ربك " والرفع في عبده زكرياء ، وذلك بتقديم المفعول على الفاعل ، وهاتان القراءتان للكلبي ، وأما صيغة الأمر فلا بد من نصب رحمة وهي قراءة ابن عباس ، واعلم أن على تقدير جعله صيغة المصدر والماضي ؛ يكون التقدير هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : يحتمل أن يكون المراد من قوله " رحمة ربك " أعني عبده زكرياء ثم في كونه رحمة وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون رحمة على أمته ؛ لأنه هداهم إلى الإيمان والطاعات .

                                                                                                                                                                                                                                            والآخر : أن يكون رحمة على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى أمة محمد لأن الله تعالى لما شرح لمحمد -صلى الله عليه وسلم- طريقه في الإخلاص والابتهال في جميع الأمور إلى الله تعالى صار ذلك لفظا داعيا له ولأمته إلى تلك الطريقة فكان زكرياء رحمة ، ويحتمل أن يكون المراد أن هذه السورة فيها ذكر الرحمة التي رحم بها عبده زكرياء .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية