الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فروع المزني رحمة الله عليه

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله : هذه مسائل أجبت فيها على معنى قول الشافعي - رضي الله عنه - .

                                                                                                                                            مسألة : قال المزني رحمه الله : " وإذا تبرأ البائع من عيوب الشفعة ثم أخذها الشفيع كان له الرد على المشتري " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، وقوله إذا تبرأ من عيوب الشفعة يعني من عيوب الشقص الذي فيه الشفعة ، فعبر عنه بما يئول إليه ويستحق فيه وأراد بالبراءة ما يصح على ما [ ص: 285 ] ذكرناه في البيوع وجملته أنه لا يخلو حال المشتري ، والشفيع في العيب الموجود في الشقص من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونا عالمين فيعلم المشتري به عند العقد ، أو قبله بالوقوف عليه أو البراءة إليه ويعلم الشفيع به عند الأخذ فليس لواحد منهما رد الأرش وهو لازم لكل واحد منهما بعلمه .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يكونا جاهلين به فالشفيع فيه بالخيار بين إمساكه ورده ، فإن أمسكه فلا يقال للمشتري على البائع وإن رده على المشتري دون البائع ، فإذا صار إلى المشتري فهو بالخيار بين إمساكه ورده .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يعلم به الشفيع ، ولا يعلم به المشتري فلا رد للشفيع مع علمه به وهو لازم له بأخذه ، ولا شيء للمشتري على البائع فإن عاد الشقص إلى المشتري بميراث ، أو هبة هل يستحق رده على البائع بعينه أم لا ؟ على وجهين ذكرناهما في البيوع .

                                                                                                                                            والحالة الرابعة : أن يعلم به المشتري دون الشفيع وهي مسألة الكتاب ، فالشفيع - لعدم علمه - بالخيار فيه بين إمساكه ورده ، فإن رده فهو لازم للمشتري لعلمه بعيبه ، ولا رد له فلو ادعى المشتري علم الشفيع بعيبه عند أخذه وأنكر الشفيع فالقول قول الشفيع مع يمينه وله الرد فإن شهد البائع على الشفيع بعلمه بالعيب قبلت شهادته إن كان قد برئ كالمشتري مع عيبه ؛ لأنه لا يدفع بها عن نفسه ، ولم تقبل إن لم يبرأ إليه من عيبه ؛ لأنه يدفع بها عن نفسه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية