الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا

                                                                                                                                                                                                                                      أشحة عليكم أي: بخلاء عليكم بالمعاونة، أو النفقة في سبيل الله، أو الظفر والغنيمة. جمع شحيح. ونصبه على الحالية من فاعل يأتون، أو من المعوقين، أو على الذم. فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم في أحداقهم. كالذي يغشى عليه من الموت صفة لمصدر ينظرون، أو حال من فاعله، أو لمصدر تدور، أو حال من أعينهم، أي: ينظرون نظرا كائنا كنظر المغشي عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخورا، ولواذا بك، أو ينظرون كائنين "كالذي"... إلخ. أو تدور أعينهم دورانا كائنا كدوران عينه، أو تدور أعينهم كائنة كعينه. فإذا ذهب الخوف وحيزت الغنائم سلقوكم ضربوكم بألسنة حداد وقالوا: وفروا قسمتنا؛ فإنا قد شاهدناكم، وقاتلنا معكم، وبمكاننا غلبتم عدوكم، وبنا نصرتم عليه. والسلق البسط بقهر باليد أو باللسان، وقرئ: (صلقوكم) أشحة على الخير نصب على الحالية، أو الذم، ويؤيده القراءة بالرفع. أولئك الموصوفون بما ذكر من صفات السوء لم يؤمنوا بالإخلاص فأحبط الله أعمالهم أي: أظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم أعمال فتبطل، أو أبطل تصنعهم ونفاقهم فلم يبق مستتبعا لمنفعة دنيوية أصلا. وكان ذلك الإحباط على الله يسيرا هينا. وتخصيص يسره بالذكر مع أن كل شيء عليه تعالى يسير لبيان أن أعمالهم حقيقة بأن يظهر حبوطها لكمال تعاضد الدواعي، وعدم الصوارف بالكلية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية