الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 54 ] مطلب : في سبب قولهم لعاصم بن ثابت حمي الدبر .
( و ) ك ( دبر ) ، فإنه يحل قتله في الحل ، والحرم كنظائره ، والمراد بالدبر هنا الزنبور قال في حياة الحيوان الدبر بفتح الدال جماعة النحل وأما بكسر الدال فصغار الجراد ويجمع على دبور قال ويقال أيضا للزنابير دبر . وفي القاموس الدبر بالفتح جماعة النحل والزنابير وبالكسر فيهما وجمعه أدبر ودبور انتهى ومنه قيل لعاصم بن ثابت الأنصاري حمي الدبر ، وذلك أن المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به فحماه الله بالدبر فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه ، وكان قد عاهد الله أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك فحماه الله بعد وفاته .
وفي السيرة النبوية أن المشركين لما قتلوا nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصما أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن سهيل - أسلمت بعد ذلك - وكانت نذرت حين قتل ابنيها مسافعا ، والجلاس ابني أبي طلحة العبدري وكان nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم قتلهما يوم أحد لئن قدرت على رأس nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم لتشربن الخمر في قحفه وجعلت لمن جاء به مائة ناقة فمنعته الدبر . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الصحيح وبعثت قريش إلى nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر .
قال الحافظ ابن حجر لعله عقبة بن أبي معيط ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصما قتله صبرا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن انصرفوا من بدر وكأن قريشا لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدبر لها من أخذ رأس nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم فأرسلت من يأخذه ، أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدبر تركته فيمكنهم أخذه انتهى . فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر يطير في وجوههم ويلدغهم ، فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء انتهى . فلما حالت الدبر بين هذيل وبين رأس nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم قالوا : دعوه حتى يمسي فيذهب عنه فنأخذه ، فبعث الله تبارك وتعالى الوادي فاحتمله فذهب به ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم قد أعطى الله تعالى عهدا أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك ، فبر الله عز وجل قسمه ، فلم يروه ولا وصلوا منه إلى شيء .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حين بلغه خبره : يحفظ الله تبارك وتعالى العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته . قال في السيرة الشامية : الدبر بفتح الدال المهملة وسكون الموحدة [ ص: 55 ] وبالراء ، وهو هنا الزنابير ، أو النحل انتهى .
وفي المطالع قوله كالظلة من الدبر وبفتح الدال وإسكان الباء جماعة النحل وقيل جماعة الزنابير ، والظلة السحاب انتهى .