الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (85) قوله تعالى : يبتغ غير : العامة على إظهار هذين المثلين ؛ لأن بينهما فاصلا فلم يلتقيا في الحقيقة ، وذلك الفاصل هو الياء التي حذفت للجزم ، وروي عن أبي عمرو فيها الوجهان : الإظهار على الأصل ولمراعاة الفاصل الأصلي ، والإدغام مراعاة للفظ ، إذ يصدق أنهما التقيا في الجملة ، ولأن ذلك الفاصل مستحق الحذف لعامل الجزم ، وليس هذا مخصوصا بهذه الآية بل كلما التقى فيه مثلان بسبب حذف حرف ، لعلة اقتضت ذلك جرى فيه الوجهان نحو : يخل لكم وجه أبيكم وإن يك [ ص: 300 ] كاذبا ، وقد استشكل على هذا نحو : ويا قوم ما لي أدعوكم و ويا قوم من ينصرني فإنه لم يرو عن أبي عمرو خلاف في إدغامهما ، وكان القياس يقتضي جواز الوجهين لأن ياء المتكلم فاصلة تقديرا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : دينا فيه ثلاثة أوجه ، أحدهما : أنه مفعول يبتغ ، و غير الإسلام حال لأنها في الأصل صفة له ، فلما قدمت عليه نصبت حالا . الثاني : أن يكون تمييزا لغير لإبهامها ، فميزت كما ميزت "مثل " و "شبه " وأخواتهما ، وسمع من العرب : "إن لنا غيرها إبلا وشاء " . والثالث : أن يكون بدلا من "غير " ، وعلى هذين الوجهين فغير الإسلام هو المفعول به ليبتغ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وهو في الآخرة من الخاسرين كقوله : وإنه في الآخرة لمن الصالحين في الإعراب وسيأتي ما بينهما في المعنى . وقيل : "أل " معرفة لا موصولة فلم يمنع من تعلق ما قبلها . بما بعدها ، وهذه الجملة يجوز أن لا يكون لها محل لاستئنافها ، ويجوز أن تكون في محل جزم نسقا على جواب الشرط وهو "فلن يقبل " ، ويكون قد ترتب على ابتغاء غير الإسلام دينا عدم القبول والخسران .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية