الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4175 ) مسألة قال : ( ولا يتصرف مالك العقار فيه إلا عند تقضي المدة ) وجملته أن المستأجر يملك المنافع بالعقد ، كما يملك المشتري المبيع بالبيع ، ويزول ملك المؤجر عنها ، كما يزول ملك البائع عن المبيع ، فلا يجوز له التصرف فيها ; لأنها صارت مملوكة لغيره ، كما لا يملك البائع التصرف في المبيع ، فإن تصرف فيها نظرنا ; فإن كان ذلك في حال بدا للمستأجر قبل تقضي المدة مثل أن يكتري دارا سنة فيسكنها شهرا ويتركها ، فيسكنها المالك بقية السنة ، أو يؤجرها لغيره ، احتمل أن ينفسخ العقد فيما استوفاه المالك ; لأنه يتصرف فيه قبل قبض المكتري له ، فأشبه ما لو تلف المكيل قبل تسليمه ، وسلم باقيه

                                                                                                                                            فعلى هذا ، إن تصرف المالك في بعض المدة دون بعض ، انفسخ العقد في قدر ما تصرف فيه دون ما لم يتصرف فيه ، ويكون على المستأجر ما بقي ، فلو سكن المستأجر شهرا ، وتركها شهرا ، وسكن المالك عشرة أشهر ، لزم المستأجر أجر شهرين . وإن سكنها شهرا ، وسكن المالك شهرين ، ثم تركها ، فعلى المستأجر أجر عشرة أشهر . ويحتمل أن يلزم المستأجر أجر جميع المدة ، وله على المالك أجر المثل لما سكن أو تصرف فيه بقسط ذلك مما على المستأجر من الأجر ، ويلزمه الباقي ; لأنه تصرف فيما ملكه المستأجر عليه غير إذنه ، فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له ، وقبض الدار ها هنا قام مقام قبض المنافع ، بدليل أنه يملك التصرف في المنافع بالسكنى والإجارة وغيرها

                                                                                                                                            فعلى هذا ، لو كان أجر المثل الواجب على المالك بقدر المسمى في العقد ، لم يجب على المستأجر شيء ، وإن فضلت منه فضلة ، لزم المالك أداؤها إلى المستأجر ، والأول أولى ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وإن تصرف المالك قبل تسليم العين ، أو امتنع من تسليمها حتى انقضت مدة الإجارة ، انفسخت الإجارة ، وجها واحدا ; لأن العاقد قد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه ، فانفسخ العقد ، كما لو باعه طعاما فأتلفه قبل تسليمه . وإن سلمها إليه في أثناء المدة انفسخت فيما مضى ، ويجب أجر الباقي بالحصة ، كالمبيع إذا سلم بعضه وأتلف بعضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية