الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها

                                                                      2082 حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا محمد بن إسحق عن داود بن حصين عن واقد بن عبد الرحمن يعني ابن سعد بن معاذ عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها [ ص: 76 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 76 ] ( إذا خطب أحدكم المرأة ) : أي أراد خطبتها وهي بكسر الخاء مقدمات الكلام في أمر النكاح على الخطبة بالضم وهي العقد ( فإن استطاع أن ينظر إلى ما ) : أي عضو ( يدعوه ) : أي يحمله ويبعثه ( فليفعل ) : الأمر للإباحة بقرينة حديث أبي حميد " إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها " الحديث رواه أحمد ، وحديث محمد بن مسلمة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها " رواه أحمد وابن ماجه . قال النووي : فيه استحباب النظر إلى من يريد [ ص: 77 ] تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء .

                                                                      وحكى القاضي عن قوم كراهته ، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشرى والشهادة ونحوها ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنهما ليسا بعورة ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين .

                                                                      وقال الأوزاعي : ينظر إلى مواضع اللحم . وقال داود : ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع ، ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها ، بل له ذلك في غفلتها ومن غير تقدم إعلام ، لكن قال مالك أكره النظر في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة . وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها وهذا ضعيف ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في ذلك مطلقا ولم يشترط استئذانها ، ولأنها تستحيي غالبا من الإذن ، ولأن في ذلك تغريرا فربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى ، ولهذا قال أصحابنا : يستحب أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة والله أعلم انتهى .

                                                                      ( فكنت أتخبأ ) : أي أختفي ( ما دعاني ) : أي حملني .

                                                                      قال المنذري : في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه انتهى . قلت : وحديث جابر أخرجه أيضا الشافعي وعبد الرزاق والبزار والحاكم وصححه . قال الحافظ ورجاله ثقات ، وأعله ابن القطان بواقد بن عبد الرحمن ، وقال المعروف واقد بن عمرو ورواية الحاكم فيها واقد بن عمرو وكذا رواية الشافعي وعبد الرزاق ، وحديث أبي حميد المذكور . قال في مجمع الزوائد رجال أحمد رجال الصحيح ، وحديث محمد بن مسلمة سكت عنه الحافظ في التلخيص والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية