الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 439 ] 353 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : من أم الناس فأتم الصلاة وأصاب الوقت فله ولهم وإن انتقص من ذلك شيء فعليه ولا عليهم

2196 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي علي الهمداني قلت أنا : وهو ثمامة بن شفي ، قال : سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ، ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم .

قال أبو جعفر : وأهل العلم بالحديث يقولون : إن الصواب في إسناد هذا الحديث أنه عن يحيى بن أيوب ، عن حرملة بن عمران ، عن أبي علي الهمداني ، لأن عبد الرحمن بن حرملة لا يعرف له سماع من [ ص: 440 ] أبي علي الهمداني ، وقد دل على ما قالوا من ذلك ما روى سعيد بن كثير بن عفير هذا الحديث ، عن يحيى بن أيوب عليه .

2197 - كما حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي ، قال : حدثنا سعيد بن كثير بن عفير ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، عن حرملة بن عمران ، عن أبي علي الهمداني ، قال : سمعت عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم ذكر مثله سواء .

2198 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن العلاء بن كثير ، عن داود بن أيوب ، عن سعيد المقبري أن أبا شريح العدوي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإمام جنة ، فإن أتم فلكم وله ، وإن نقص فعليه النقصان ، ولكم التمام .

قال أبو جعفر : أبو شريح هذا ينسبه قوم إلى عدي ، وهو بطن من بطون خزاعة ، وينسبه قوم إلى كعب وهو بطن من بطون خزاعة أيضا [ ص: 441 ] واسمه فيما ذكر الواقدي خليد بن عمرو ، وفيما ذكر ابن أبي داود ، عن محمد بن عبد الله بن نمير : كعب بن عمرو ثم اجتمعا جميعا على أن وفاته كانت في سنة ثمان وستين ، قال الواقدي بالمدينة .

فقال قائل : فقد رويتم في الباب الذي قبل هذا الباب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المؤذن مؤتمن ، والمؤذن هو الذي إليه الإقامة دون الإمام فكيف قبلتم ما ذكرتموه في هذا الباب مما أضفتموه إلى الإمام مما هو له وما هو عليه ؟

فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن الأذان إلى المؤذن كما ذكر لا إلى الإمام وأن الإقامة بخلاف ما ذكر وإنها إلى الإمام لا إلى المؤذن .

كما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : حدثنا شعبة عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي رضي الله عنه ، قال : المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة .

قال أبو جعفر : فكانت الإقامة للصلاة إلى الإمام لا إلى المؤذن ، فعقلنا بذلك أن طلب وقتها إلى الإمام لا إلى المؤذن ، فكان [ ص: 442 ] الإثم في التقصير عنها عليه لا على المؤذن ، كما كان الإثم في التقصير في طلب وقت الأذان على المؤذن لا على الإمام وفيما ذكرنا بيان لما سأل عنه هذا السائل ، والله سبحانه وتعالى نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية