الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل وعلا -: كنتم خير أمة أخرجت للناس ؛ يعني به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ وقيل في معنى كنتم خير أمة أخرجت للناس كنتم عند الله في اللوح المحفوظ؛ وقيل: كنتم منذ آمنتم خير أمة؛ وقال بعضهم: معنى " كنتم خير أمة " : هذا الخطاب أصله أنه خوطب به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وهو يعم سائر أمة محمد؛ والشريطة في الخيرية ما هو في الكلام؛ وهو قوله - عز وجل -: تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ؛ أي: توحدون الله بالإيمان برسوله؛ لأن من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوحد الله؛ وذلك أنه يزعم أن الآيات المعجزات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذات نفسه؛ فجعل غير الله يفعل فعل الله؛ وآيات الأنبياء لا يقدر عليها إلا الله - عز وجل -؛ ويدل على أن قوله: وتؤمنون بالله ؛ تقرون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبي الله؛ قوله - عز وجل -: ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ؛ فأهل الكتاب كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فصاروا كفارا بالله؛ فأعلم الله أن بعضهم؛ وهو القليل منهم؛ آمن بالله؛ فقال: منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ؛ و " الفاسق " : الذي خرج عن أمر الله. [ ص: 457 ] ووعد الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في أهل الكتاب أنهم منصورون عليهم؛ وأنه لا ينالهم من أهل الكتاب اصطلام؛ ولا غلبة؛ فقال: لن يضروكم إلا أذى ؛ أي: يؤذونكم بالبهت؛ والتحريف؛ فأما العاقبة فتكون للمؤمنين؛ قال الله - عز وجل -: ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون ؛ يعني به أهل الكتاب; وأعلمهم في هذه الآية أنهم إن قاتلوهم ولوهم الأدبار؛ وسلبوا النصر وكذلك كان أمر اليهود.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية