الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تطع الكافرين والمنافقين نهي عن مداراتهم في أمر الدعوة، واستعمال لين الجانب في التبليغ، والمسامحة في الإنذار. كنى عن ذلك بالنهي عن طاعتهم مبالغة في الزجر، والتنفير عن المنهي عنه بنظمه في سلكها، وتصويره بصورتها. ومن حمل النهي على التهييج والإلهاب، فقد أبعد عن التحقيق بمراحل.

                                                                                                                                                                                                                                      ودع أذاهم أي: لا تبال بأذيتهم لك بسبب تصلبك في الدعوة والإنذار. وتوكل على الله في كل ما تأتي وما تذر من الشؤون التي من جملتها هذا الشأن؛ فإنه تعالى يكفيكهم. وكفى بالله وكيلا موكولا إليه الأمور في كل الأحوال. وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتعليل الحكم، وتأكيد استقلال الاعتراض التذييل، ولما وصف صلى الله عليه وسلم بنعوت خمسة قوبل كل منها بخطاب يناسبه خلا أنه لم يذكر مقابل الشاهد صريحا، وهو الأمر بالمراقبة ثقة بظهور دلالة مقابل المبشر عليه، وهو الأمر بالتبشير حسبما ذكر آنفا. وقوبل النذير بالنهي عن مداراة الكفار والمنافقين، والمسامحة في إنذارهم كما تحققته. وقوبل الداعي إلى الله بإذنه بالأمر بالتوكل عليه من حيث إنه عبارة عن الاستمداد منه تعالى، والاستعانة به. وقوبل السراج المنير بالاكتفاء به تعالى فإن من أيده الله تعالى بالقوة القدسية، ورشحه للنبوة، وجعله برهانا نيرا يهدي الخلق من ظلمات الغي إلى نور الرشاد حقيق بأن يكتفي به عن كل ما سواه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية