الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 408 ] فصل

وكان إذا وضع رجله في الركاب لركوب دابته ، قال : " بسم الله " فإذا استوى على ظهرها ، قال : " الحمد لله " ثلاثا " الله أكبر " ثلاثا ، ثم يقول : " سبحان الذي سخر لنا هذا ، وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " ثم يقول : " الحمد لله " ثلاثا ، " الله أكبر " ثلاثا ، ثم يقول : " سبحان الله " ثلاثا ، ثم يقول : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، سبحانك إني ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " .

وكان إذا ودع أصحابه في السفر يقول لأحدهم : ( أستودع الله دينك وأمانتك ، وخواتيم عملك ) .

وجاء إليه رجل وقال : يا رسول الله : إني أريد سفرا ، فزودني . فقال : [ ص: 409 ] ( زودك الله التقوى . قال : زدني . قال : وغفر لك ذنبك . قال : زدني . قال : ويسر لك الخير حيثما كنت ) .

وقال له رجل : إني أريد سفرا ، فقال ( أوصيك بتقوى الله ، والتكبير على كل شرف " فلما ولى ، قال " اللهم ازو له الأرض ، وهون عليه السفر ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا علوا الثنايا ، كبروا ، وإذا هبطوا سبحوا ، فوضعت الصلاة على ذلك .

وقال أنس : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا علا شرفا من الأرض أو نشزا ، قال ( اللهم لك الشرف على كل شرف ، ولك الحمد على كل حمد )

وكان سيره في حجه العنق ، فإذا وجد فجوة رفع السير فوق ذلك ، وكان [ ص: 410 ] يقول : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) .

وكان يكره للمسافر وحده أن يسير بالليل فقال : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار أحد وحده بليل ) .

بل كان يكره السفر للواحد بلا رفقة ، وأخبر : ( أن الواحد شيطان ، والاثنان شيطانان ، والثلاثة ركب )

وكان يقول : ( إذا نزل أحدكم منزلا فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه ) .

ولفظ مسلم : ( من نزل منزلا ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) .

وذكر أحمد عنه أنه كان إذا غزا أو سافر فأدركه الليل قال : ( يا أرض ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك ، وشر ما خلق فيك ، وشر ما دب [ ص: 411 ] عليك ، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود ، وحية وعقرب ، ومن شر ساكن البلد ، ومن شر والد وما ولد ) .

وكان يقول : ( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة ، فبادروا نقيها ) .

وفي لفظ : ( فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم ، فاجتنبوا الطريق ، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل ) .

وكان إذا رأى قرية يريد دخولها قال حين يراها : ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الريح وما ذرين ، إنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ) .

وكان إذا بدا له الفجر في السفر قال : ( سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ، ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار )

[ ص: 412 ] ( وكان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ) .

وكان ينهى المرأة أن تسافر بغير محرم ، ولو مسافة بريد .

( وكان يأمر المسافر إذا قضى نهمته من سفره ، أن يعجل الأوبة إلى [ ص: 413 ] أهله ) .

وكان إذا قفل من سفره ، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ، ثم يقول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) .

( وكان ينهى أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا طالت غيبته عنهم .

[ ص: 414 ] وفي " الصحيحين " : ( كان لا يطرق أهله ليلا يدخل عليهن غدوة أو عشية ) .

( وكان إذا قدم من سفره يلقى بالولدان من أهل بيته . قال عبد الله بن جعفر : وإنه قدم مرة من سفر ، فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة ، إما حسن وإما حسين ، فأردفه خلفه . قال : فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة ) .

وكان يعتنق القادم من سفره ، ويقبله إذا كان من أهله . قال الزهري : عن عروة ، عن عائشة : ( قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فأتاه فقرع الباب ، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه ، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبله ) .

[ ص: 415 ] قالت عائشة : لما قدم جعفر وأصحابه ، تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عينيه واعتنقه .

قال الشعبي : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدموا من سفر تعانقوا .

( وكان إذا قدم من سفر ، بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين )

التالي السابق


الخدمات العلمية