الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يرسل عليكما شواظ من نار [35]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وأبي عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ، وقرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق وهي مروية عن الحسن ( شواظ) بكسر الشين . والفراء يذهب إلى أنهما لغتان بمعنى واحد ، كما يقال : صوار وصوار ( ونحاس) قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع [ ص: 311 ] والكوفيين بالرفع ، وقرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ( ونحاس) بالخفض ، وقرأ مجاهد ( ونحاس) بكسر النون والسين ، وقرأ مسلم بن جندب ( ونحس) بغير ألف وبالرفع . قال أبو جعفر : الرفع في و"نحاس" أبين في العربية؛ لأنه لا إشكال فيه يكون معطوفا على "شواظ" ، وإن خفضت عطفته على نار ، واحتجت إلى الاحتيال ، وذلك أن أكثر أهل التفسير منهم ابن عباس يقولون : الشواظ اللهب ، والنحاس الدخان فإذا خفضت فالتقدير شواظ من نار ومن نحاس . والشواظ لا يكون من النحاس كما أن اللهب لا يكون من الدخان إلا على حيلة واعتذار والذي في ذلك من الحيلة ، وهو قول أبي العباس محمد بن يزيد أنه لما كان اللهب والدخان جميعا من النار كان كل واحد منهما مشتملا على الآخر وأنشد للفرزدق :


                                                                                                                                                                                                                                        فبت أقد الزاد بيني وبينه على ضوء نار مرة ودخان



                                                                                                                                                                                                                                        فعطف ودخان على نار ، وليس للدخان ضوء لأن الضوء والدخان من النار وإن عطفت ودخان على ضوء لم تحتج إلى الاحتيال ، وأنشد غيره في هذا بعينه :


                                                                                                                                                                                                                                        شراب ألبان وتمر وأقط



                                                                                                                                                                                                                                        وإنما الشروب الألبان ، ولكن الحلق يشتمل على هذه الأشياء ، وقال آخر :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 312 ] في مثله :


                                                                                                                                                                                                                                        يا ليت زوجك قد غدا     متقلدا سيفا ورمحا



                                                                                                                                                                                                                                        لأنهما محمولان وقد قال الحسن ومجاهد وقتادة في قوله جل وعز ونحاس قالوا يذاب النحاس فيصب على رءوسهم ( فلا تنتصران ) أي ممن عاقبكما بذلك ولا تستفيدان منه .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية