الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا أقر السارق بالسرقة مرة واحدة قطعت يده في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف وابن أبي ليلى رحمهما الله تعالى لا يقطع ما لم يقر مرتين ، وكذلك الخلاف في الإقرار بشرب الخمر ، وذكر بشر رجوع أبي يوسف إلى قول أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وحجتهما ما روي عن علي رضي الله عنه أن رجلا أقر بالسرقة عنده مرتين فقطع يده ، وهذا ; لأنه حد لله تعالى خالصا فيعتبر عدد الإقرار فيه بعدد الشهادة كحد الزنا ، ولهذا روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه شرط إقرارين في مجلسين مختلفين وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى استدلا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه أتي بسارق فقال : أسرقت ؟ ما إخاله سرق فقال : سرقته ، فأمر بقطعه } ولم يشترط عدد الإقرار فيه ، ولأن ما ثبت بشهادة شاهدين من العقوبات يثبت بإقرار واحد كالقصاص .

وقد بينا أن الزنا مخصوص من بين نظائره ، وفي الكتاب علل فقال : لو لم أقطعه في المرة الأولى لم أقطعه في المرة الثانية ; لأن المال صار دينا عليه بالإقرار الأول فهو بالإقرار الثاني يريد إسقاط الضمان عن نفسه بقطع يده فيكون متهما في ذلك ، وإن كان المال قائما بعينه رددته بعد الإقرار الأول قبل الإقرار الثاني فكيف يلزمه القطع بالإقرار بعد رد المال ، ألا ترى أن بالشهادة لا يلزمه القطع بعد رد المال فبالإقرار أولى ؟ وإن رجع قبل أن يقطع درئ القطع ; لأنه ليس هاهنا من يرد جحوده إذ القطع من حق الله تعالى فيتحقق التعارض بين الخبرين ، فأما في حق المال لا يصح رجوعه ; لأن المسروق منه يكذبه في الرجوع والمال حقه

التالي السابق


الخدمات العلمية