الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور

                                                                                                                                                                                                                                      يعملون له ما يشاء تفصيل لما ذكر من عملهم، وقوله تعالى: من محاريب ... إلخ. بيان ل «ما يشاء»، أي: من قصور حصينة، ومساكن شريفة. سميت بذلك; لأنها يذب عنها، ويحارب عليها. وقيل: هي المساجد. وتماثيل وصور الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام على ما اعتادوه، فإنها كانت تعمل حينئذ في المساجد ليراها الناس، ويعبدوا مثل عباداتهم، وحرمة التصاوير شرع جديد. وروي أنهم عملوا أسدين في أسفل كرسيه، ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعيهما [ ص: 126 ] وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما. وجفان جمع جفنة، وهي الصفحة. كالجواب كالحياض الكبار جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها، وهي من الصفات الغالبة كالدابة، وقرئ بإثبات الياء. قيل: كان يقعد على الجفنة ألف رجل. وقدور راسيات ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها. اعملوا آل داود شكرا حكاية لما قيل لهم. و "شكرا" نصب على أنه مفعول له، أو مصدر ل "اعملوا"; لأن العمل للمنعم شكر له، أو لفعله المحذوف، أي: اشكروا شكرا. أو حال، أي: شاكرين. أو مفعول به، أي: اعملوا شكرا. وقليل من عبادي الشكور أي: المتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه، وجوارحه أكثر أوقاته، ومع ذلك لا يوفي حقه; لأن التوفيق للشكر نعمة تستدعي شكرا آخر لا إلى نهاية. ولذلك قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر. وروي أنه عليه الصلاة والسلام جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية