الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز قال : ( ولا يجوز رهن المشاع ) وقال الشافعي رحمه الله يجوز . ولنا فيه وجهان : أحدهما يبتنى على حكم الرهن ، فإنه عندنا ثبوت يد الاستيفاء ، وهذا لا يتصور فيما يتناوله العقد وهو المشاع ، وعنده المشاع يقبل ما هو الحكم عنده وهو تعينه للبيع ، والثاني : أن موجب الرهن هو الحبس الدائم ، لأنه لم يشرع إلا مقبوضا بالنص أو بالنظر إلى المقصود منه وهو الاستيثاق من الوجه الذي بيناه ، وكل ذلك يتعلق بالدوام ، ولا يفضي إليه إلا استحقاق الحبس ، ولو جوزناه في المشاع يفوت الدوام ، لأنه لا بد من المهايأة ، فيصير كما إذا قال : رهنتك يوما ويوما لا ، ولهذا لا يجوز فيما يحتمل القسمة ، وما لا يحتملها بخلاف الهبة حيث تجوز فيما لا يحتمل القسمة ، لأن المانع في الهبة غرامة القسمة وهو فيما يقسم ، أما حكم الهبة الملك والمشاع يقبله وهاهنا الحكم ثبوت يد الاستيفاء والمشاع لا يقبله وإن كان لا يحتمل القسمة ، ولا يجوز من شريكه لأنه لا يقبل حكمه على الوجه الأول ، وعلى الوجه الثاني : يسكن يوما بحكم الملك ويوما بحكم الرهن ، فيصير كأنه رهن يوما ويوما لا ، والشيوع الطارئ يمنع بقاء الرهن في رواية الأصل .

                                                                                                        وعن أبي يوسف رحمه الله [ ص: 279 ] أنه لا يمنع لأن حكم البقاء أسهل من حكم الابتداء فأشبه الهبة ، وجه الأول : أن الامتناع لعدم المحلية وما يرجع إليه فالابتداء والبقاء سواء كالمحرمية في باب النكاح ، بخلاف الهبة لأن المشاع يقبل حكمها وهو الملك ، واعتبار القبض في الابتداء لنفي الغرامة على ما بيناه ولا حاجة إلى اعتباره في حالة البقاء ، ولهذا يصح الرجوع في بعض الهبة ، ولا يجوز فسخ العقد في بعض الرهن .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية