الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الماسرجسي

                                                                                      الحافظ الكبير الثبت الجوال الإمام أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري .

                                                                                      وجده هو سبط الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك .

                                                                                      [ ص: 288 ] وأبوه هو أبو أحمد ، من أصحاب محمد بن يحيى الذهلي ، حدث بكتاب " جلود السباع " في خمسة أجزاء ، تأليف مسلم عنه ، وهو كتاب نفيس بالمرة . وتوفي عام خمسة عشر وثلاثمائة وهو بيت العلم والرواية والحفظ والدراية .

                                                                                      ولد أبو علي في سنة ثمان وتسعين ومائتين .

                                                                                      وسمع من جده أحمد بن محمد الماسرجسي وإمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة ، وأبي العباس السراج ، وأبي حامد ابن الشرقي ، ووالده محمد بن أحمد . وارتحل في سنة إحدى وعشرين ، فأخذ عن أبي بكر بن زياد النيسابوري . وابني المحاملي ، وخلق بالعراق . ولحق بالشام بقايا أصحاب هشام بن عمار ، وبمصر أصحاب يونس بن عبد الأعلى ، والمزني . وكتب العالي والنازل وأطال المكث بمصر ، وكتب الفقه والحديث بها ، وخرج على الصحيحين مستخرجا حافلا ، وعمل " المسند الكبير " في نحو من وقر بعير .

                                                                                      فقال أبو عبد الله الحاكم في " تاريخه " : صنف " المسند الكبير " في ألف جزء وثلاثمائة جزء - يعني مهذبا معللا - قال : وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبقه إليه أحد ، فكان يحفظه مثل الماء ، وصنف المغازي والقبائل والمشايخ والأبواب ، وخرج على " صحيح البخاري " كتابا ، وعلى " صحيح مسلم " ، وأدركته المنية قبل الحاجة إلى إسناده ، ودفن علم كثير بموته . وقد سمعته يقول : سمعت أبي يقول : سمعت مسلم بن الحجاج [ ص: 289 ] يقول : صنفت هذا " المسند " - يعني : صحيحه - من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة .

                                                                                      وقال الحاكم في موضع آخر : صنف أبو علي حديث الزهري فزاد على محمد بن يحيى الذهلي .

                                                                                      قلت : أحسبه ظفر بحديث الزهري لأحمد بن صالح المصري .

                                                                                      قال الحاكم : وعلى التخمين يكون مسنده بخط الوراقين في أكثر من ثلاثة آلاف جزء .

                                                                                      قلت : يجيء في مائة وخمسين مجلدا .

                                                                                      قال : فعندي أنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه ، وعقد أبو محمد بن زياد مجلسا عليه لقراءته . قال : وكان مسند أبي بكر الصديق بخطه في بضعة عشر جزءا بعلله وشواهده ، فكتبه النساخ في نيف وستين جزءا .

                                                                                      توفي في شهر رجب سنة خمس وستين وثلاثمائة وصلى عليه ابن أخيه الإمام أبو الحسن الماسرجسي ، رحمه الله .

                                                                                      قلت : هذا ممن لم يقع لي شيء من حديثه ، فلعل أن يكون في تواليف البيهقي شيء منه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية