الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
خطبة لأبي طالب

الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم ، وزرع إسماعيل ؛ وجعل لنا بلدا حراما ، وبيتا محجوجا ؛ وجعلنا الحكام على الناس .

وإن محمد بن عبد الله ، ابن أخي ، لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به : بركة وفضلا وعدلا ، ومجدا ونبلا ، وإن كان في المال مقلا ؛ فإن المال عارية مسترجعة ، وظل زائل ، وله في خديجة بنت خويلد رغبة ، ولها فيه مثل ذلك ، وما أردتم من الصداق فعلي .

* * *

قد نسخت لك جملا من كلام الصدر الأول ومحاوراتهم وخطبهم ، [ ص: 154 ] وأحيلك فيما لم أنسخ على التواريخ والكتب المصنفة في هذا الشأن . فتأمل ذلك ، وسائر ما هو مسطر من الأخبار المأثورة عن السلف ، وأهل البيان واللسن ، والفصاحة والفطن ؛ والألفاظ المنثورة ، والمخاطبات الدائرة بينهم ، والأمثال المنقولة عنهم . ثم انظر - بسكون طائر ، وخفض جناح ، وتفريغ لب ، وجمع عقل - في ذلك ؛ فسيقع لك الفصل بين كلام الناس ، وبين كلام رب العالمين ، وتعلم أن نظم القرآن يخالف نظم كلام الآدميين ، وتعلم الحد الذي يتفاوت بين كلام البليغ والبليغ ، والخطيب والخطيب ، والشاعر والشاعر ، وبين نظم القرآن جملة .

فإن خيل إليك ، أو شبه عليك ، وظننت أنه يحتاج أن يوازن بين نظم الشعر ، والقرآن ؛ لأن الشعر أفصح من الخطب ، وأبرع من الرسائل ، وأدق مسلكا من جميع أصناف المحاورات - ولذلك قالوا له - صلى الله عليه وسلم - : هو شاعر أو ساحر - وسول إليك الشيطان أن الشعر أبلغ وأعجب ، وأرق وأبرع ، وأحسن الكلام وأبدع - فهذا فصل فيه نظر بين المتكلمين ، وكلام بين المحققين .

التالي السابق


الخدمات العلمية