الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله

                                                                                                                119 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أنه قال لما نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى آخر الآية جلس ثابت بن قيس في بيته وقال أنا من أهل النار واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى قال سعد إنه لجاري وما علمت له بشكوى قال فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا من أهل النار فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو من أهل الجنة وحدثنا قطن بن نسير حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال كان ثابت بن قيس بن شماس خطيب الأنصار فلما نزلت هذه الآية بنحو حديث حماد وليس في حديثه ذكر سعد بن معاذ وحدثنيه أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي حدثنا حبان حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولم يذكر سعد بن معاذ في الحديث وحدثنا هريم بن عبد الأعلى الأسدي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يذكر عن ثابت عن أنس قال لما نزلت هذه الآية واقتص الحديث ولم يذكر سعد بن معاذ وزاد فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                باب مخافة المؤمن أن يحبط عمله

                                                                                                                فيه قصة ثابت بن قيس بن الشماس - رضي الله عنه - وخوفه حين نزلت لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية ، وكان ثابت - رضي الله عنه - جهير الصوت ، وكان يرفع صوته ، وكان خطيب الأنصار ولذلك اشتد حذره أكثر من غيره . وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لثابت بن قيس - رضي الله عنه - وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه من أهل الجنة . وفيه أنه ينبغي للعالم وكبير القوم أن يتفقد أصحابه ويسأل عمن غاب منهم .

                                                                                                                وقول مسلم - رحمه الله - : ( حدثنا قطن بن نسير قال : حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن أنس ) فيه لطيفة وهو أنه إسناد كله بصريون . و ( قطن ) بفتح القاف والطاء المهملة وبالنون و ( نسير ) بنون [ ص: 302 ] مضمومة ثم سين مهملة مفتوحة ثم مثناة من تحت ساكنة ثم راء . وقد قدمنا أنه ليس في الصحيحين ( نسير ) غيره . وقد قدمنا في الفصول المذكورة في مقدمة هذا الشرح إنكار من أنكر على مسلم روايته عنه وجوابه . وفي الإسناد الآخر ( حبان ) هو بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة وهو ابن هلال . وكل هذا الإسناد أيضا بصريون إلا أحمد بن سعيد الدارمي في أوله فإنه نيسابوري .

                                                                                                                وقول مسلم : ( حدثنا هريم بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يذكر عن ثابت عن أنس ) هذا الإسناد أيضا كله بصريون حقيقة . و ( هريم ) بضم الهاء وفتح الراء وإسكان الياء .

                                                                                                                وقوله : ( فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجلا من أهل الجنة ) هكذا هو في بعض الأصول رجلا وفي بعضها ( رجل ) ، وهو الأكثر ، وكلاهما صحيح الأول على البدل من الهاء في نراه ، والثاني على الاستئناف .




                                                                                                                الخدمات العلمية