الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4772 باب : إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده

                                                                                                                              وقال النووي : (باب : إذا أحب الله عبدا ، أمر جبريل فأحبه ، وأحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص183 ،184 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله إذا أحب عبدا : دعا جبريل ، فقال : إني أحب فلانا فأحبه . قال : فيحبه جبريل .

                                                                                                                              ثم ينادي في السماء ، فيقول : إن الله يحب فلانا ، فأحبوه ، فيحبه أهل السماء .

                                                                                                                              قال : ثم يوضع له القبول في الأرض .

                                                                                                                              [ ص: 92 ] وإذا أبغض عبدا : دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه . قال : فيبغضه جبريل .

                                                                                                                              ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه . قال : فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض"
                                                                                                                              ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله عز وجل ، إذا أحب عبدا) .

                                                                                                                              قال العلماء : "محبة الله لعبده" هي إرادته الخير له ، وهدايته ، وإنعامه عليه ، ورحمته . و"بغضه" : إرادة عقابه ، أو شقاوته ، ونحوه .

                                                                                                                              (دعا جبريل عليه السلام) وفي البخاري : نادى (فقال : إني أحب فلانا فأحبه) : بفتح الهمزة ، وكسر الحاء ، وتشديد الباء مفتوحة ، وتضم . وهو مذهب سيبويه ، والمحققين : على الإتباع للهاء .

                                                                                                                              ولأبي ذر : "فأحببه" . بسكون الحاء وكسر الباء . وأخرى ساكنة . بالفك .

                                                                                                                              وفي حديث ثوبان ؛ عند أحمد ، والطبراني في الأوسط : "فيقول [ ص: 93 ] جبريل عليه السلام : رحمة الله على فلان ، وتقوله حملة العرش" .

                                                                                                                              (قال : فيحبه جبريل . ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله عز وجل يحب فلانا : فأحبوه . فيحبه أهل السماء . قال : ثم يوضع له القبول في الأرض) .

                                                                                                                              قال النووي : حب جبريل والملائكة يحتمل وجهين ؛

                                                                                                                              أحدهما : استغفارهم له ، وثناؤهم عليه ، ودعاؤهم .

                                                                                                                              والثاني : أن محبتهم على ظاهرها المعروف من المخلوقين ، وهو ميل القلب إليه ، واشتياقه إلى لقائه .

                                                                                                                              وسبب حبهم إياه كونه مطيعا لله تعالى ، محبوبا له .

                                                                                                                              ومعنى "يوضع له القبول إلخ" أي : الحب في قلوب الناس ، ورضاهم عنه ، فتميل إليه القلوب ، وترضى عنه .

                                                                                                                              وقد جاء في رواية : "فتوضع له المحبة" .

                                                                                                                              وفي حديث ثوبان : "فينادي جبريل في أهل السماوات السبع ، ثم يوضع له القبول في الأرض" . زاد الطبراني ، في حديث ثوبان : "ثم يهبط إلى الأرض" . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                                              [ ص: 94 ] (وإذا أبغض الله عبدا : دعا جبريل عليه السلام ، فيقول : إني أبغض فلانا ، فأبغضه . قال : فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا ، فأبغضوه ، فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض) .

                                                                                                                              والكلام على هذا ، كالكلام على الحب .

                                                                                                                              وفيه : أن محبوب القلوب محبوب الله ، ومبغوضها مبغوض الله .




                                                                                                                              الخدمات العلمية