الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب المعاقل

                                                                                                                                                                              ذكر إثبات دية الخطأ على عاقلة القاتل دونه

                                                                                                                                                                              9585 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنها فقتلتها وأسقطت جنينا ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقلها على عاقلة القاتلة ، وفي جنينها غرة - عبد أو أمة - قال : فقال قائل : كيف نعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل فقال رسول الله - كما زعم أبو هريرة : "هذا من إخوان الكهان" .

                                                                                                                                                                              9586 - حدثنا علان بن المغيرة ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : [ ص: 344 ] أخبرنا الليث ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة ، ثم إن المرأة [التي] قضى عيها بغرة توفيت ، فقضى رسول الله بأن ميراثها لبنيها وزوجها ، وأن العقل على عصبتها .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فقد ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدية على العاقلة .

                                                                                                                                                                              وأجمع أهل العلم على أن دية الخطأ على العاقلة ، وقد خالفهم في ذلك ناس من الخوارج وأهل الأهواء ، وتأول بعضهم في ذلك حديث أبي رمثة .

                                                                                                                                                                              9587 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن إياد بن لقيط ، عن أبي رمثة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي ابن لي فقال : "هذا ابنك ؟ " قلت : نعم أشهد به . قال : "لا يجني عليك ، ولا تجني عليه" .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وفي إجماع أهل العلم على أن الدية في الخطأ على العاقلة دليل على أن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يجني عليك ولا تجني عليه" جناية العمد دون الخطأ . [ ص: 345 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : والعاقلة [العصبة] وبيان ذلك في حديث المغيرة بن شعبة .

                                                                                                                                                                              9588 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيد بن نضيلة الخزاعي ، عن المغيرة بن شعبة قال : ضربت ضرة ضرة لها بعمود فسطاط فقتلتها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بديتها على عصبة القاتلة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وخبر المغيرة هذا يدل لما ذكر أن الضاربة ضربتها بعمود فسطاط . وفي خبر أبي هريرة : إنما رمتها بحجر فأصاب بطنها فقتلتها على أن دية شبه العمد على العاقلة . وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الدية الخطأ على العاقلة ، وأن ولد المرأة إذا كان من غير عصبتها لا يعقلون عنها ، وكذلك الإخوة من الأم لا يعقلون عن أختهم لأمهم شيئا . هذا قول مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبي ثور ، والكوفي .

                                                                                                                                                                              وأجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ لا يعقلان مع العاقلة . [ ص: 346 ]

                                                                                                                                                                              هذا قول مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                                                              قال الشافعي : وكذلك المعتوه عندي . وكل من أحفظ عنه من أهل العلم لا يلزم الفقير من ذلك شيئا .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية