الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( ولو أسلم أمة في كر وقبضت الأمة فتقايلا وماتت أو ماتت قبل الإقالة بقي وصح وعليه قيمتها ) أي بقي عقد الإقالة فيما إذا تقايلا وهي حية ، ثم ماتت وصح إنشاء عقد الإقالة فيما إذا تقايلا بعد موتها ووجب على المسلم إليه قيمة الجارية في المسألتين يوم قبضها ; لأن شرط صحة الإقالة بقاء العقد وهو يبقى ببقاء المعقود عليه والمعقود عليه في السلم هو المسلم فيه وهو باق في ذمة المسلم إليه بعد هلاك الجارية ، فإذا انفسخ العقد وجب عليه رد الجارية ، وقد عجز بموتها فيجب عليه قيمتها كما لو تقايضا ، ثم تقايلا بعد هلاك أحدهما أو هلك أحدهما بعد الإقالة ، وإنما اعتبر يوم القبض ; لأن سبب الضمان كالغصب قوله ( وعكسها شراؤها بألف ) أي إذا ماتت الجارية المبيعة لم تصح الإقالة ، وإذا تقايلا ، ثم ماتت بطلت الإقالة ; لأن المعقود عليه الجارية فلا بد من قيامها لصحة الإقالة وبقائها إلى أن تقبض وقيد به ; لأن الإقالة في الصرف صحيحة بعد هلاك البدلين أو أحدهما باقية بعد الهلاك لأن المعقود عليه في الصرف ما وجب لكل واحد منهما في ذمة الآخر وهو غير معين فلا يتصور هلاكه والمقبوض عين ولذا لو كان المقبوض قائما لم يتعين للرد بعد الإقالة وفي القنية تقايلا البيع في العبد فأبق من يد المشتري ، فإن لم يقدر على تسليمه بطلت الإقالة والبيع بحاله . ا هـ .

                                                                                        والحاصل أنه يشترط لصحة إقالة البيع قيام المبيع دون الثمن ، فلو تقايلا بعد هلاك الثمن ، ولو معينا صحت ولكن لا بد من عدم الإبراء عنه لما في القنية أبرأ البائع المشتري عن الثمن بعد قبض المبيع ، ثم تقايلا لا تصح . ا هـ .

                                                                                        وقيد بهلاكها ; لأنها لو قطعت يدها ، ثم تقايلا صحت ولزمه رد جميع الثمن ولا شيء للبائع من أرش اليد إذا علم وقت الإقالة أنها قطعت يدها وأخذ المشتري أرشها وإن لم يعلم يخير المشتري بين الأخذ بجميع الثمن أو الترك ، كذا في القنية ، ثم رقم الأشجار لا تسلم للمشتري وللبائع أن يأخذ قيمتها منه ; لأنها موجودة وقت البيع بخلاف الأرش ; لأنه لم يدخل في البيع أصلا لا قصدا ولا ضمنا ، وقال قبله اشترى أرضا مع الزرع وأدرك الزرع في يده ، ثم تقايلا لا تجوز الإقالة ; لأن العقد إنما ورد على القصيل دون الحنط ، ولو حصد المشتري الزرع ، ثم تقايلا صحت الإقالة في الأرض بحصتها من الثمن ، ولو اشترى أرضا فيها أشجار فقطعها ، ثم تقايلا صحت الإقالة بجميع الثمن ولا شيء للبائع [ ص: 184 ] من قيمة الأشجار وتسلم الأشجار للمشتري هذا إذا علم البائع بقطع الأشجار ، وأما إذا لم يعلم به وقت الإقالة يخير إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية