الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زهق ]

                                                          زهق : زهق الشيء يزهق زهوقا ، فهو زاهق وزهوق : بطل وهلك واضمحل . وفي التنزيل : إن الباطل كان زهوقا ؛ وزهق الباطل إذا غلبه الحق وقد زاهق الحق الباطل وزهق الباطل أي اضمحل ، أزهقه الله . وقوله عز وجل : فإذا هو زاهق ؛ أي باطل ذاهب . وزهوق النفس : بطلانها . وقال قتادة : وزهق الباطل يعني الشيطان وزهقت نفسه تزهق زهوقا ، وزهقت لغتان : خرجت . وفي الحديث : إن النحر في الحلق واللبة وأقروا الأنفس حتى تزهق أي حتى تخرج الروح من الذبيحة ولا يبقى فيها حركة ، ثم تسلخ وتقطع . وقال تعالى : وتزهق أنفسهم وهم كافرون ؛ أي تخرج وفي الحديث : دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة وما تسمع نفس من حس تلك الحجب شيئا إلا زهقت أي هلكت وماتت . وزهق فلان بين أيدينا يزهق زهقا ، وزهوقا ، وانزهق ، كلاهما : سبق وتقدم أمام الخيل ، وكذلك زهق الدابة ، والمنهزم زاهق . ابن السكيت : زهق الفرس زهقت الراحلة تزهق زهوقا إذا سبقت وتقدمت ، والجمع زهق وزهق مخه فهو زاهق إذا اكتنز ، وهو زاهق المخ . وفرس زهقى إذا تقدم الخيل ؛ وأنشد :


                                                          على قرا من زهقى مزل



                                                          والزاهق من الدواب : السمين الممخ . وزهقت الدابة والناقة تزهق زهوقا : انتهى مخ عظمها واكتنز قصبها . وزهقت عظامه وأزهقت سمنت ، قال :


                                                          وأزهقت عظامه وأخلصا



                                                          وقيل : الزاهق والزهق الذي ليس فوق سمنه سمن ، وقيل : الزاهق المنقي وليس بمتناهي السمن وقيل : هو الشديد الهزال الذي تجد زهومة غثوثة لحمه ، وقيل : هو الرقيق المخ . الأزهري : الزاهق الذي اكتنز لحمه ومخه . الأزهري : الزاهق من الأضداد ، يقال : الهالك زاهق ، والسمين من الدواب زاهق ؛ قال الشاعر :


                                                          القائد الخيل منكوبا دوابرها     منها الشنون ومنها الزاهق الزهم



                                                          وقال بعضهم : الزاهق السمين والزهم أسمن منه . والزهومة في اللحم : كراهية رائحته من غير تغيير ولا نتن ، وزهق العظم زهوقا إذا اكتنز مخه . وزهق المخ إذا اكتنز فهو زاهق ؛ عن يعقوب ؛ وأما قول عثمان بن طارق :


                                                          ومسد أمر من أيانق     لسن بأنياب ولا حقائق
                                                          ولا ضعاف مخهن زاهق



                                                          فإن الفراء يقول : هو مرفوع والشعر مكفأ ، يقول : بل مخهن مكتنز رفعه على الابتداء ، قال : ولا يجوز أن يريد ولا ضعاف زاهق مخهن كما لا يجوز أن تقول مررت برجل أبوه قائم بالخفض ؛ قال ابن بري : يريد أنه لا يجوز لك أن ترفع مخهن بزاهق فتقدم الفاعل على فعله ، وعلى أنه قد جاء ذلك عن الكوفيين ، من ذلك قراءة من قرأ : ونخل طلعها هضيم ؛ وقول الزباء :


                                                          ما للجمال مشيها وئيدا ؟



                                                          وقول امرئ القيس :


                                                          فقل في مقيل نحسه متغيب



                                                          وقيل : الزاهق هاهنا بمعنى الذاهب كأنه قال : ولا ضعاف مخهن ، ثم رد الزاهق على الضعاف والذي وقع في شعر عثمان :


                                                          عيس عتاق ذات مخ زاهق



                                                          والذي أنشده أبو زيد :


                                                          لقد تعللت على أيانق     صهب ، قليلات القراد اللازق
                                                          [ ص: 72 ] وذات ألياط ومخ زاهق



                                                          وبئر زهوق وزاهق ، : بعيدة القعر وكذلك فج الجبل المشرف ؛ وقال : أبو ذؤيب يصف مشتار العسل :


                                                          وأشعث ماله فضلات ثول     على أركان مهلكة زهوق



                                                          قال ابن بري : قوله وأشعث مخفوض بواو رب ، والبيت أول القصيدة ، وجواب رب فيما بعده وهو قوله :


                                                          تأبط خافة فيها مساب     فأضحى يقتري مسدا بشيق



                                                          والثول : جماعة النحل ، وكذلك المفازة النائية المهواة . والزهق والزهق : الوهدة وربما وقعت فيها الدواب فهلكت . يقال : أزهقت أيديها في الحفر ؛ قال رؤبة :


                                                          تكاد أيديها تهاوى في الزهق



                                                          وأنشد أيضا :


                                                          كأن أيديهن تهوي في الزهق     أيدي جوار يتعاطين الورق



                                                          وقيل : معنى الزهق التقدم في هذا البيت . وانزهقت الدابة : تردت ورجل مزهوق : مضيق عليه . . والقوم زهاق مائة وزهاق مائة أي هم قريب من ذلك في التقدير ، كقولهم : زهاء مائة وزهاء مائة . وقال المؤرج : المزهق القاتل ، والمزهق المقتول . وزهق السهم أي جاوز الهدف ؛ وأزهقه صاحبه . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه تكلم يوم الشورى فقال : إن حابيا خير من زاهق ، فالزاهق من السهام : الذي وقع وراء الهدف دون الإصابة ولا يصيب ، والحابي : الذي وقع دون الهدف ثم زحف إلى الهدف فأصابه ، فأخبر أن الضعيف الذي يصيب الحق خير من القوي الذي لا يصيبه ، وضرب الزاهق والحابي من السهام لهما مثلا . أزهقت الإناء قلبته . ورأيت فلانا مزهقا أي مغذا في سيره . وفرس ذات أزاهيق أي ذات جري سريع . قال أبو عبيد : في المصنف : وليس في شيء منه زهق ، بالكسر ، وحكى بعضهم زهقت نفسه ، بالكسر ، تزهق زهوقا لغة في زهقت . قال ابن بري : قال : الهروي زهقت نفسه ، بالكسر ، وقال : ابن القوطية : زهقت نفسه ، بالكسر ، والفتح لغة وفلان زهق أي نزق . والزهق : المطمئن من الأرض . وأزهقت الدابة السرج إذا قدمته وألقته على عنقها ، ويقال : بالراء ؛ قال الراجز :


                                                          أخاف أن تزهقه أو ينزرق



                                                          قال الجوهري : أنشدنيه أبو الغوث بالزاي . وانزهقت الدابة أي طفرت من الضرب أو النفار . والزهلوق بزيادة اللام السمين . قال الأصمعي : في إناث حمر الوحش إذا استوت متونها من الشحم قيل : حمر زهالق . قال ابن بري : يقال : الزهالق واحدها زهلق وهو الأملس ؛ قال عمارة :


                                                          مثل متون الحمر الزهالق



                                                          أبو عبيد : جاءت الخيل أزاهق وأزاهيق ، وهي جماعات في تفرقة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية