الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 5 ] 361 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية الصلاة عليه

2228 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الأزدي ، قال : حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا محمد بن بشر العبدي ، عن مجمع بن يحيى ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه قال : قلنا : يا رسول الله : قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم .

[ ص: 6 ]

2229 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا عبد الله بن وهب أن مالك بن أنس حدثه ، عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله عز وجل أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم .

[ ص: 7 ]

2230 - حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال : حدثنا عمرو بن خالد قال : حدثني عيسى بن يونس ، عن خالد بن سلمة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب دخل على موسى بن طلحة فقال :

يا أبا عيسى كيف بلغك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال موسى : سألت زيد بن خارجة عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال زيد بن خارجة : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قلت : كيف الصلاة عليك ؟ فقال : صلوا فاجتهدوا ثم قولوا : اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد .

[ ص: 8 ]

2231 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة ؟ قال : قل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

[ ص: 9 ]

2232 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة وعن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا .

2233 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، قال : حدثنا شيبان - يعني : النحوي - ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

2234 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثني أبو عامر العقدي .

وحدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا وهب بن جرير قالا : حدثنا شعبة ، عن الحكم قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال :

[ ص: 10 ] لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية قلت : بلى . قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف الصلاة ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

2235 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي قال : حدثنا عبد الواحد يعني ابن زياد قال : حدثنا أبو فروة قال : حدثنا عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن أنه سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول :

لقيني كعب بن عجرة فقال : أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى ، وأهدها لي ، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فإن الله عز وجل قد علمنا كيف نسلم ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل [ ص: 11 ] إبراهيم إنك حميد مجيد .

2236 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا النضر بن عبد الجبار أبو الأسود المرادي قال : وأخبرنا نافع يعني : ابن يزيد ، عن ابن الهاد ، عن عبد الله - يعني : ابن خباب - حدثه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله ، هذا التسليم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم .

2237 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن عثمان بن [ ص: 12 ] حكيم ، عن خالد بن سلمة ، عن موسى بن طلحة ، عن زيد بن خارجة أخي بني الحارث بن الخزرج قال : قلنا : يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال : صلوا علي وقولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد .

2238 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته ، كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد [ ص: 13 ] وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .

قال أبو جعفر : فلم نجد في حديث أحد ممن قد ذكرنا في هذا الباب في ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على أزواجه وذريته غير هذا الحديث ، وإنما مداره على عبد الله بن أبي بكر فطلبناه هل نجد له موافقا على ذلك . ؟

2239 - فوجدنا عبيد بن رجال قد حدثنا قال : حدثنا أحمد بن صالح قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته ، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى أهل بيته ، وعلى أزواجه وذريته إنك حميد مجيد .

( قال ) ابن طاوس : وكان أبي يقول مثل ذلك . [ ص: 14 ] فكان في هذا الحديث ما قد دل على موافقة ابن طاوس عبد الله بن أبي بكر في أخذ هذا الحديث ، عن أبي بكر بن محمد بإدخال أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته في الصلاة عليه ، وكان في هذا الحديث زيادة ابن طاوس في ذلك على عبد الله بن أبي بكر وأهل بيته فوقفنا على أن الزيادة لذلك كله في رواية أبي بكر بن محمد على من سواه من رواة هذا الحديث من الوجوه التي ذكرناها في هذا الباب عن سواه .

2240 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن وفهد قالا : حدثنا القعنبي قال : حدثنا داود بن قيس ، عن نعيم بن عبد الله ، عن أبي هريرة ( ح ) .

وحدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا حاجب بن سليمان قال : حدثنا ابن أبي فديك قال : حدثنا داود بن قيس ، عن نعيم بن عبد الله المجمر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم .

[ ص: 15 ] قال أبو جعفر : وكان الذي عليه أهل العلم في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة ما في حديث أبي مسعود ، ومن أهل الكوفة ما في حديث كعب بن عجرة ، لا نعلم أحدا تعلق بشيء من هذه الآثار ، وكذلك سائر أهل العلم سواهم لا نعلمهم تعلقوا بشيء من هذه الآثار غير هذين الأثرين ، وكان كل فريق منهم يستعمل ما ذهب إليه منهما في صلاة وفيما سواها ، لا على أنهم يعدون ما يكون منهم من ذلك في صلواتهم من الفروض التي لا تجزئ إلا بها ، ومما إن ترك فيها كان على مصليها إعادتها ، غير الشافعي فإنه ذهب إلى أنها من الفرائض في الصلوات التي لا تجزئ إلا بها .

وذهب إلى أن موضعها منها بعد التشهد الذي يتلوه السلام منها ، وذهب في كيفيتها إلى ما في حديث أبي مسعود الذي رويناه في هذا الباب ، ذكر ذلك عنه حرملة بن يحيى ولم نجده عن غيره من أصحابه عنه ، وقد كان يلزمه على أصله أن يكون حديث أبي حميد في هذا أولى منه ومما سواه من هذه الآثار للزيادة التي فيه على ما فيها ، وهي إدخال أزواجه [ ص: 16 ] وذريته وأهل بيته في الصلاة عليه ، كما ذهب إلى حديث ابن عباس في التشهد في الزيادة التي فيه وهي " والمباركات " على ما في غيره من الآثار المرويات في التشهد ، وبالله التوفيق .

وفي بعض هذه الآثار القصد إلى إبراهيم وفي بعضها القصد إلى آله ، وهذا عندنا مما لا تضاد فيه ولا اختلاف ؛ لأن ذكر الآل عند العرب يدخل فيه من هم آله كما قال الله - عز وجل - : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب لا أن فرعون خارج منهم ، ولكن لما كان آله باتباعهم إياه على ما كان عليه من خلاف أمر الله مستحقين بذلك كان هو بدعائه إياهم إليه وبإمامته إياهم فيه أشد استحقاقا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية