الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أشعر هذا الختام باليوم الموعود؛ وهو الأصل الثابت؛ قال - مهددا به؛ محذرا منه -: يا أيها الناس ؛ أي: الذين عندهم أهلية [ ص: 11 ] للتحرك إلى النظر؛ ولما كانوا ينكرون البعث؛ أكد قوله: إن وعد الله ؛ أي: الذي له صفات الكمال؛ وهو منزه عن كل شائبة نقص؛ فهو لا يجوز عليه في مجاري العادات؛ للغنى المطلق؛ أن يخلف الميعاد؛ حق ؛ أي: بكل ما وعد به؛ من البعث؛ وغيره؛ وقد وعد أنه يردكم إليه في يوم تنقطع فيه الأسباب؛ ويعرض عن الأحساب والأنساب؛ ليحكم بينكم بالعدل؛ ثم سبب عن كونه حقا قوله - على وجه التأكيد؛ لأجل الإنكار أيضا -: فلا تغرنكم ؛ أي: بأنواع الخدع؛ من اللهو؛ والزينة؛ غرورا مستمر التجدد؛ الحياة الدنيا ؛ فإنه لا يليق بذي همة علية اتباع الدنيء؛ والرضا بالدون الزائل عن العالي الدائم؛ ولا يغرنكم بالله ؛ أي: الذي لا يخلف الميعاد وهو الكبير المتعالي؛ الغرور ؛ أي: الذي لا يصدق في شيء وهو الشيطان العدو؛ ولذلك استأنف قوله - مظهرا في موضع الإضمار؛ للتنفير بمدلول الوصف؛ قبل التذكير بالعداوة؛ ووخامة العاقبة فيما يدعو إليه؛ مؤكدا لأن أفعال المشايعين له؛ بما يمنيهم به - من نحو: إن ربكم حليم؛ لا يتعاظمه ذنب؛ مع الإصرار على المعصية - أفعال المتعقدين لمصادقته -:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية