الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ( 20 ) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ( 21 ) )

يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون : فعلت تلك الفعلة التي فعلت ، أي قتلت تلك النفس التي قتلت إذن وأنا من الضالين . يقول : وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتله علي . والعرب تضع من الضلال موضع الجهل ، والجهل موضع [ ص: 341 ] الضلال ، فتقول : قد جهل فلان الطريق وضل الطريق ، بمعنى واحد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وأنا من الضالين ) قال : من الجاهلين .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

قال ابن جريج : وفي قراءة ابن مسعود : " وأنا من الجاهلين " .

قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة : ( وأنا من الضالين ) قال : من الجاهلين .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وأنت من الكافرين ) فقال موسى : لم أكفر ، ولكن فعلتها وأنا من الضالين . وفي حرف ابن مسعود : " فعلتها إذا وأنا من الجاهلين " .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) قبل أن يأتيني من الله شيء كان قتلي إياه ضلالة خطأ . قال : والضلالة ههنا الخطأ ، لم يقل ضلاله فيما بينه وبين الله .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ) يقول : وأنا من الجاهلين .

وقوله ( ففررت منكم لما خفتكم ) . . . الآية ، يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى لفرعون : ( ففررت منكم ) معشر الملأ من قوم فرعون ( لما خفتكم ) أن تقتلوني بقتلي القتيل منكم . ( فوهب لي ربي حكما ) يقول : فوهب لي ربي نبوة وهي الحكم .

كما حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط عن السدي : ( فوهب لي ربي حكما ) والحكم : النبوة .

وقوله : ( وجعلني من المرسلين ) يقول : وألحقني بعداد من أرسله إلى خلقه ، مبلغا عنه رسالته إليهم بإرساله إياي إليك يا فرعون . [ ص: 342 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية