nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29019_28783_29723قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا
أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يقول لهم ما فيه رد أمرهم إلى الله ليعلمهم أن استغفاره الله لهم لا يكره الله على المغفرة بل الله يفعل ما يشاء إذا أراده فإن كان أراد بهم نفعا نفعهم وإن كان أراد بهم ضرا ضرهم فما كان من النصح لأنفسهم أن يتورطوا فيما لا يرضي الله ثم يستغفرونه . فلعله لا يغفر لهم ، فالغرض من هذا تخويفهم من عقاب ذنبهم إذ تخلفوا عن نفير النبيء - صلى الله عليه وسلم - وكذبوا في الاعتذار ليكثروا من التوبة وتدارك الممكن كما دل عليه قوله - تعالى - بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=16قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم الآية .
فمعنى إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا هنا الإرادة التي جرت على وفق علمه - تعالى - من إعطائه النفع إياهم أو إصابته بضر وفي هذا الكلام توجيه بأن
[ ص: 163 ] تخلفهم سبب في حرمانهم من فضيلة شهود بيعة الرضوان وفي حرمانهم من شهود غزوة
خيبر بنهيه عن حضورهم فيها .
ومعنى الملك هنا : القدرة والاستطاعة ، أي لا يقدر أحد أن يغير ما أراده الله وتقدم نظير هذا التركيب في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم في سورة العقود .
والغالب في مثل هذا أن يكون لنفي القدرة على تحويل الشر خيرا كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا . فكان الجري على ظاهر الاستعمال مقتضيا الاقتصار على نفي أن يملك أحد لهم شيئا إذا أراد الله ضرهم دون زيادة أو أراد بكم نفعا ، فتوجه هذه الزيادة أنها لقصد التتميم والاستيعاب ، ونظيره
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة في سورة الأحزاب . وقد مضى قريب من هذا في قوله - تعالى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله في سورة الأعراف ، فراجعه .
وقرأ الجمهور " ضرا " بفتح الضاد ، وقرأه
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بضمها وهما بمعنى ، وهو مصدر فيجوز أن يكون هنا مرادا به معنى المصدر ، أي إن أراد أن يضركم أو ينفعكم . ويجوز أن يكون بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، أي إن أراد بكم ما يضركم وما ينفعكم .
ومعنى تعلق " أراد " به أنه بمعنى أراد إيصال ما يضركم أو ما ينفعكم .
وهذا الجواب لا عدة فيه من الله بأن يغفر لهم إذ المقصود تركهم في حالة وجل ليستكثروا من فعل الحسنات . وقصدت مفاتحتهم بهذا الإبهام لإلقاء الوجل في قلوبهم أن لا يغفر لهم ثم سيتبعه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=14ولله ملك السماوات والأرض الآية الذي هو أقرب إلى الإطماع .
و ( بل ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بل كان الله بما تعملون خبيرا إضراب لإبطال قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شغلتنا أموالنا وأهلونا . وبه يزداد مضمون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم تقريرا لأنه يتضمن إبطالا لعذرهم ، ومن معنى الإبطال يحصل بيان
[ ص: 164 ] الإجمال الذي في قوله كان الله بما تعلمون خبيرا إذ يفيد أنه خبير بكذبهم في الاعتذار فلذلك أبطل اعتذارهم بحرف الإبطال .
وتقديم بما تعملون على متعلقه لقصد الاهتمام بذكر عملهم هذا . وماصدق ( ما تعملون ) ما اعتقدوه وما ماهوا به من أسباب تخلفهم عن نفير الرسول وكثيرا ما سمى القرآن الاعتقاد عملا . وفي قوله وكان الله بما تعملون خبيرا تهديد ووعيد .
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29019_28783_29723قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرَّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
أُمِرَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ مَا فِيهِ رَدُّ أَمْرِهِمْ إِلَى اللَّهِ لِيُعْلِمَهُمْ أَنَّ اسْتِغْفَارَهُ اللَّهَ لَهُمْ لَا يُكْرِهُ اللَّهَ عَلَى الْمَغْفِرَةِ بَلِ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إِذَا أَرَادَهُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِمْ نَفْعًا نَفَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِمْ ضُرًّا ضَرَّهُمْ فَمَا كَانَ مِنَ النُّصْحِ لِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَتَوَرَّطُوا فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَهُ . فَلَعَلَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ ، فَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا تَخْوِيفُهُمْ مِنْ عِقَابِ ذَنْبِهِمْ إِذْ تَخَلَّفُوا عَنْ نَفِيرِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَبُوا فِي الِاعْتِذَارِ لِيُكْثِرُوا مِنَ التَّوْبَةِ وَتَدَارُكِ الْمُمْكِنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=16قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ الْآيَةَ .
فَمَعْنَى إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا هُنَا الْإِرَادَةُ الَّتِي جَرَتْ عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ - تَعَالَى - مِنْ إِعْطَائِهِ النَّفْعَ إِيَّاهُمْ أَوْ إِصَابَتِهِ بِضُرٍّ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ تَوْجِيهٌ بِأَنَّ
[ ص: 163 ] تَخَلُّفَهُمْ سَبَبٌ فِي حِرْمَانِهِمْ مِنْ فَضِيلَةِ شُهُودِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَفِي حِرْمَانِهِمْ مِنْ شُهُودِ غَزْوَةِ
خَيْبَرَ بِنَهْيِهِ عَنْ حُضُورِهِمْ فِيهَا .
وَمَعْنَى الْمِلْكُ هُنَا : الْقُدْرَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ ، أَيْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ .
وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَكُونَ لِنَفْيِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْوِيلِ الشَّرِّ خَيْرًا كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=41وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا . فَكَانَ الْجَرْيُ عَلَى ظَاهِرِ الِاسْتِعْمَالِ مُقْتَضِيًا الِاقْتِصَارَ عَلَى نَفْيِ أَنْ يَمْلِكَ أَحَدٌ لَهُمْ شَيْئًا إِذَا أَرَادَ اللَّهُ ضَرَّهُمْ دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ، فَتُوَجَّهُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَنَّهَا لِقَصْدِ التَّتْمِيمِ وَالِاسْتِيعَابِ ، وَنَظِيرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ . وَقَدْ مَضَى قَرِيبٌ مِنْ هَذَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=188قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، فَرَاجِعْهُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " ضَرًّا " بِفَتْحِ الضَّادِ ، وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّهَا وَهُمَا بِمَعْنًى ، وَهُوَ مَصْدَرٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَا مُرَادًا بِهِ مَعْنَى الْمَصْدَرِ ، أَيْ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَضُرَّكُمْ أَوْ يَنْفَعَكُمْ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ ، أَيْ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ مَا يَضُرُّكُمْ وَمَا يَنْفَعُكُمْ .
وَمَعْنَى تَعَلُّقِ " أَرَادَ " بِهِ أَنَّهُ بِمَعْنَى أَرَادَ إِيصَالَ مَا يَضُرُّكُمْ أَوْ مَا يَنْفَعُكُمْ .
وَهَذَا الْجَوَابُ لَا عِدَةَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ بِأَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ إِذِ الْمَقْصُودُ تَرْكُهُمْ فِي حَالَةِ وَجَلٍ لِيَسْتَكْثِرُوا مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ . وَقُصِدَتْ مُفَاتَحَتُهُمْ بِهَذَا الْإِبْهَامِ لِإِلْقَاءِ الْوَجَلِ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ لَا يُغْفَرَ لَهُمْ ثُمَّ سَيُتْبِعُهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=14وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْإِطْمَاعِ .
وَ ( بَلْ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا إِضْرَابٌ لِإِبْطَالِ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا . وَبِهِ يَزْدَادُ مَضْمُونُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ تَقْرِيرًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِبْطَالًا لِعُذْرِهِمْ ، وَمِنْ مَعْنَى الْإِبْطَالُ يَحْصُلُ بَيَانُ
[ ص: 164 ] الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْلَمُونَ خَبِيرًا إِذْ يُفِيدُ أَنَّهُ خَبِيرٌ بِكَذِبِهِمْ فِي الِاعْتِذَارِ فَلِذَلِكَ أَبْطَلَ اعْتِذَارَهُمْ بِحَرْفِ الْإِبْطَالِ .
وَتَقْدِيمُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ بِذِكْرِ عَمَلِهِمْ هَذَا . وَمَاصَدَقُ ( مَا تَعْمَلُونَ ) مَا اعْتَقَدُوهُ وَمَا مَاهُوا بِهِ مِنْ أَسْبَابِ تَخَلُّفِهِمْ عَنْ نَفِيرِ الرَّسُولِ وَكَثِيرًا مَا سَمَّى الْقُرْآنُ الِاعْتِقَادَ عَمَلًا . وَفِي قَوْلِهِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ .