الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال أولو جئتك بشيء مبين ( 30 ) قال فأت به إن كنت من الصادقين ( 31 ) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ( 32 ) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ( 33 ) )

يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون لما عرفه ربه ، وأنه رب المشرق والمغرب ، ودعاه إلى عبادته وإخلاص الألوهة له ، وأجابه فرعون بقوله ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) : أتجعلني من المسجونين ( أولو جئتك بشيء مبين ) يبين لك صدق ما أقول يا فرعون وحقيقة ما أدعوك إليه ؟ وإنما قال ذلك له ، لأن من أخلاق الناس السكون للإنصاف ، والإجابة إلى الحق بعد البيان ; فلما قال موسى له ما قال من ذلك ، قال له فرعون : فأت بالشيء المبين حقيقة ما تقول ، فإنا لن نسجنك حينئذ إن اتخذت إلها غيري إن كنت من الصادقين : يقول : إن كنت محقا فيما تقول ، وصادقا فيما تصف وتخبر ، ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) يقول جل ثناؤه : فألقى موسى عصاه فتحولت ثعبانا ، وهي الحية الذكر كما قد بينت فيما مضى قبل من صفته ، وقوله ( مبين ) يقول : يبين لفرعون والملأ من قومه أنه ثعبان .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس ، قوله : ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) يقول : مبين له خلق حية .

وقوله : ( ونزع يده فإذا هي بيضاء ) يقول : وأخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاء تلمع ( للناظرين ) لمن ينظر إليها ويراها . [ ص: 346 ]

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام بن علي ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال ، قال : ارتفعت الحية في السماء قدر ميل ، ثم سفلت حتى صار رأس فرعون بين نابيها ، فجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت ، فجعل فرعون يقول : يا موسى أسألك . بالذي أرسلك ، قال : فأخذه بطنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية