الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4275 ) مسألة وقال : ( وما حدث في السلعة من يد الصانع ، ضمن ) وجملته أن الأجير على ضربين خاص ، ومشترك ، فالخاص : هو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة ، يستحق المستأجر نفعه في جميعها ، كرجل استؤجر لخدمة ، أو عمل في بناء أو خياطة ، أو رعاية ، يوما أو شهرا ، سمي خاصا لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس . والمشترك : الذي يقع العقد معه على عمل معين ، كخياطة ثوب ، وبناء حائط ، وحمل شيء إلى مكان معين ، أو على عمل في مدة لا يستحق جميع نفعه فيها ، كالكحال ، والطبيب ، سمي مشتركا لأنه يتقبل أعمالا لاثنين وثلاثة وأكثر في وقت واحد

                                                                                                                                            ويعمل لهم ، فيشتركون في منفعته واستحقاقها ، فسمي مشتركا لاشتراكهم في منفعته . فالأجير المشترك هو الصانع الذي ذكره الخرقي ، وهو ضامن لما جنت يده ، فالحائك إذا أفسد حياكته ضامن لما أفسد

                                                                                                                                            . نص أحمد على هذه المسألة ، في رواية ابن منصور . والقصار ضامن لما يتخرق من دقه أو مده أو عصره أو بسطه . والطباخ ضامن لما أفسد من طبيخه . والخباز ضامن لما أفسد من خبزه ، والحمال يضمن ما يسقط من حمله عن رأسه ، أو تلف من عثرته . والجمال يضمن ما تلف بقوده ، وسوقه ، وانقطاع حبله الذي يشد به حمله

                                                                                                                                            والملاح يضمن ما تلف من يده ، أو جذفه ، أو ما يعالج به السفينة . وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، وعبد الله بن عتبة ، وشريح ، والحسن ، والحكم . وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وأحد قولي الشافعي ، وقال في الآخر : لا يضمن ، ما لم يتعد . قال الربيع : هذا مذهب الشافعي ، وإن لم يبح به

                                                                                                                                            وروي ذلك عن عطاء ، وطاوس ، وزفر ; لأنها عين مقبوضة بعقد الإجارة ، فلم تصر مضمونة ، كالعين المستأجرة . ولنا ما روى جعفر بن محمد ، عن أبيه عن علي أنه كان يضمن الصباغ والصواغ ، وقال : لا يصلح الناس إلا ذلك . وروى الشافعي ، في " مسنده " ، بإسناده عن علي ، أنه كان يضمن الأجراء ، ويقول : لا يصلح الناس إلا هذا . ولأن عمل الأجير المشترك مضمون عليه ، فما تولد منه يجب أن يكون مضمونا ، كالعدوان بقطع عضو ، بخلاف الأجير الخاص

                                                                                                                                            والدليل على أن عمله مضمون عليه ، أنه لا يستحق العوض إلا بالعمل ، وأن الثوب لو تلف في حرزه بعد عمله ، لم يكن له أجر فيما عمل فيه ، وكان ذهاب عمله من ضمانه ، بخلاف الخاص ، فإنه إذا أمكن المستأجر من استعماله ، استحق العوض بمضي المدة وإن لم يعمل ، وما عمل فيه من شيء فتلف من حرزه ، لم يسقط أجره بتلفه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية