الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4276 ) فصل : ذكر القاضي أن الأجير المشترك إنما يضمن إذا كان يعمل في ملك نفسه ، مثل الخباز يخبز في تنوره وملكه ، والقصار والخياط في دكانيهما ، قال : ولو دعا الرجل خبازا ، فخبز له في داره ، أو خياطا أو قصارا ليقصر ويخيط عنده ، لا ضمان عليه فيما أتلف ، ما لم يفرط ; لأنه سلم نفسه إلى المستأجر ، [ ص: 306 ] فيصير كالأجير الخاص . قال : ولو كان صاحب المتاع مع الملاح في السفينة ، أو راكبا على الدابة فوق حمله ، فعطب الحمل ، لا ضمان على الملاح والمكاري ; لأن يد صاحب المتاع لم تزل

                                                                                                                                            ولو كان رب المتاع والجمال راكبين على الحمل ، فتلف حمله ، لم يضمنه الجمال ; لأن رب المتاع لم يسلمه إليه . ومذهب مالك والشافعي نحو هذا . قال أصحاب الشافعي : لو كان العمل في دكان الأجير ، والمستأجر حاضر ، أو اكتراه ليعمل له شيئا ، وهو معه لم يضمن ; لأن يده عليه ، فلم يضمن من غير جناية ، ويجب له أجر عمله ; لأن يده عليه ، فكلما عمل شيئا صار مسلما إليه . فظاهر كلام الخرقي ، أنه لا فرق بين كونه في ملك نفسه أو ملك مستأجره ، أو كان صاحب العمل حاضرا عنده أو غائبا عنه ، أو كونه مع الملاح أو الجمال أو لا

                                                                                                                                            وكذلك قال ابن عقيل : ما تلف بجناية الملاح بجذفه ، أو بجناية المكاري بشده المتاع ، ونحوه ، فهو مضمون عليه ، سواء كان صاحب المتاع معه ، أو لم يكن ; لأن وجوب الضمان عليه لجناية يده ، فلا فرق بين حضور المالك وغيبته ، كالعدوان ، ولأن جناية الجمال والملاح ، إذا كان صاحب المتاع راكبا معه ، يعم المتاع وصاحبه ، وتفريطه يعمهما ، فلم يسقط ذلك الضمان ، كما لو رمى إنسانا متترسا ، فكسر ترسه وقتله ، ولأن الطبيب والختان إذا جنت يداهما ضمنا مع حضور المطبب والمختون . وقد ذكر القاضي أنه لو كان جمال يحمل على رأسه ورب المتاع معه ، فعثر ، فسقط المتاع ، فتلف ، ضمن ، وإن سرق ، لم يضمن ; لأنه في العثار تلف بجنايته ، والسرقة ليست من جنايته .

                                                                                                                                            ورب المال لم يحل بينه وبينه . وهذا يقتضي أن تلفه بجنايته مضمون عليه ، سواء حضر رب المال أو غاب ، بل وجوب الضمان في محل النزاع أولى ; لأن الفعل في ذلك إلى الموضع مقصود لفاعله ، والسقطة من الحمال غير مقصودة له ، فإذا وجب الضمان هاهنا ، فثم أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية