الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد

                                                                                                                                                                                                                                      15 - يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ؛ قال ذو النون - رحمه الله -: الخلق محتاجون إليه في كل نفس؛ وخطرة؛ ولحظة؛ وكيف لا؛ ووجودهم به؛ وبقاؤهم به؟! والله هو الغني ؛ عن الأشياء أجمع؛ الحميد ؛ المحمود بكل لسان؛ ولم يسمهم بالفقراء للتحقير؛ بل للتعريض على الاستغناء؛ ولهذا وصف نفسه بالغني؛ الذي هو مطعم الأغنياء؛ وذكر "الحميد"؛ ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه؛ والجواد المنعم عليهم؛ إذ ليس كل غني نافعا بغناه؛ إلا إذا كان الغني جوادا؛ منعما؛ وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم؛ قال سهل: لما خلق الله الخلق حكم لنفسه بالغنى؛ ولهم بالفقر؛ فمن ادعى الغنى حجب عن الله؛ ومن أظهر فقره أوصله فقره إليه؛ فينبغي للعبد أن يكون مفتقرا بالسر إليه؛ ومنقطعا عن الغير إليه؛ حتى تكون عبوديته محضة؛ فالعبودية هي الذل [ ص: 83 ] والخضوع؛ وعلامته ألا يسأل من أحد؛ وقال الواسطي: "من استغنى بالله لا يفتقر؛ ومن تعزز بالله لا يذل؛ وقال الحسين: على مقدار افتقار العبد إلى الله يكون غنيا بالله؛ وكلما ازداد افتقارا ازداد غنى؛ وقال يحيى: الفقر خير للعبد من الغنى؛ لأن المذلة في الفقر؛ والكبر في الغنى؛ والرجوع إلى الله بالتواضع؛ والذلة خير من الرجوع إليه بتكثير الأعمال؛ وقيل: صفة الأولياء ثلاثة: الثقة بالله في كل شيء؛ والفقر إليه في كل شيء؛ والرجوع إليه من كل شيء؛ وقال الشبلي: الفقر يجر البلاء؛ وبلاؤه كله عز .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية