الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا

قوله تعالى : إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا عبوسا من صفة اليوم ، أي يوما تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته ، فالمعنى نخاف يوما ذا عبوس . وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران . وعن ابن عباس : العبوس : الضيق ، والقمطرير : الطويل ; قال الشاعر :


شديدا عبوسا قمطريرا

[ ص: 120 ] وقيل : القمطرير الشديد ; تقول العرب : يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى ; وأنشد الفراء :


بني عمنا هل تذكرون بلاءنا     عليكم إذا ما كان يوم قماطر

بضم القاف . واقمطر إذا اشتد . وقال الأخفش : القمطرير : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء ; قال الشاعر :


ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها     ولج بها اليوم العبوس القماطر

وقال الكسائي : يقال اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارا وازمهرارا ، وهو القمطرير والزمهرير ، ويوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا ; قال الهذلي :


بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة     ومن يلق منا ذلك اليوم يهرب

وقال مجاهد : إن العبوس بالشفتين ، والقمطرير بالجبهة والحاجبين ; فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم ; وأنشد ابن الأعرابي :


يغدو على الصيد يعود منكسر     ويقمطر ساعة ويكفهر

وقال أبو عبيدة : يقال رجل قمطرير أي متقبض ما بين العينين . وقال الزجاج : يقال اقمطرت الناقة : إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ، وزمت بأنفها ; فاشتقه من القطر ، وجعل الميم مزيدة . قال أسد بن ناعصة :


واصطليت الحروب في كل يوم     باسل الشر قمطرير الصباح

قوله تعالى : فوقاهم الله أي دفع عنهم شر ذلك اليوم أي بأسه وشدته وعذابه ولقاهم أي أتاهم وأعطاهم حين لقوه أي رأوه نضرة أي حسنا وسرورا أي حبورا . قال الحسن ومجاهد : نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم . وفي النضرة ثلاثة أوجه : أحدها أنها البياض والنقاء ; قاله الضحاك . الثاني الحسن والبهاء ; قاله ابن جبير . الثالث أنها أثر النعمة ; قاله ابن زيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية