الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مبيحات الفطر في رمضان وأحكامه .

                                                                                                                                                                        فالمرض والسفر ، مبيحان بالنص والإجماع ، وكذلك من غلبه الجوع أو العطش ، فخاف الهلاك ، فله الفطر وإن كان مقيما صحيح البدن .

                                                                                                                                                                        ثم شرط كون المرض مبيحا ، أن يجهده الصوم معه ، فيلحقه ضرر يشق احتماله على ما ذكرنا من وجوه المضار في التيمم .

                                                                                                                                                                        ثم المرض إن كان مطبقا ، فله ترك النية بالليل ، وإن كان يحم وينقطع ، نظر ، إن كان محموما وقت الشروع ، فله ترك النية ، وإلا ، فعليه أن ينوي من الليل ، ثم إن عاد واحتاج إلى الإفطار ، أفطر .

                                                                                                                                                                        وشرط كون السفر مبيحا ، كونه طويلا ومباحا . ولو أصبح صائما ، ثم مرض في أثناء النهار ، فله الفطر . ولو أصبح مقيما صائما ثم سافر ، لم يجز له فطر ذلك اليوم .

                                                                                                                                                                        وقال المزني : يجوز ، وبه قال غيره من أصحابنا .

                                                                                                                                                                        فعلى الصحيح : لو أفطر بالجماع ، لزمته الكفارة . ولو نوى المقيم بالليل ، ثم سافر ليلا ، فإن فارق العمران قبل الفجر ، فله الفطر ، وإلا ، فلا .

                                                                                                                                                                        ولو أصبح المسافر صائما ، ثم أقام في أثناء النهار ، لم يجز له الفطر على الصحيح . ونقل صاحب " الحاوي " عن حرملة : أن له الفطر .

                                                                                                                                                                        ولو أصبح المريض صائما ، ثم برئ في النهار ، فقطع كثيرون بتحريم الفطر عليه . وطرد صاحب " المهذب " فيه الوجهين ، ولعله الأولى . ولو أصبح صائما في السفر ، ثم أراد الفطر ، جاز .

                                                                                                                                                                        وفيه احتمال لإمام الحرمين وصاحب " المهذب " : أنه لا يجوز . وإذا قلنا بالمذهب ، ففي كراهة الفطر وجهان .

                                                                                                                                                                        [ ص: 370 ] قلت : هذا الاحتمال الذي ذكراه ، نص عليه الشافعي - رضي الله عنه - في " البويطي " لكن قال : لا يجوز الفطر إن لم يصح الحديث بالفطر . وقد صح الحديث . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        واعلم ، أن للمسافر الصوم والفطر . ثم إن كان لا يتضرر بالصوم ، فهو أفضل ، وإلا ، فالفطر أفضل . وذكر في " التتمة " : أنه لو لم يتضرر في الحال ، لكن يخاف الضعف لو صام ، أو كان سفر حج ، أو غزو ، فالفطر أولى . وقد تقدم أصل هذه المسألة في صلاة المسافر .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية