الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        116 - الحديث السادس : عن أنس بن مالك قال { كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر . فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض : بسط ثوبه فسجد عليه } .

                                        التالي السابق


                                        الكلام عليه من وجوه :

                                        أحدها : أنه يقتضي تقديم الظهر في أول الوقت مع الحر ، ويعارضه ما قدمناه في أمر الإبراد على ما قيل . فمن قال : إن الإبراد رخصة فلا إشكال عليه . لأن التقديم حينئذ يكون سنة . والإبراد جائز . ومن قال : إن الإبراد سنة ، فقد ردد بعضهم القول في أن يكون منسوخا . أعني التقديم في شدة الحر ، أو يكون على الرخصة . ويحتمل عندي : أن لا يكون ثمة تعارض . لأنا إن جعلنا الإبراد إلى حيث يبقى ظل يمشى فيه إلى المسجد ، أو إلى ما زاد على الذراع . فلا يبعد أن يبقى مع ذلك حر يحتاج معه إلى بسط الثوب . فلا تعارض .



                                        الثاني : فيه دليل على جواز استعمال الثياب وغيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقائه بذلك حر الأرض وبردها .

                                        الثالث : فيه دليل على أن مباشرة ما باشر الأرض بالجبهة واليدين هو الأصل . فإنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة . وذلك يفهم منه أن الأصل والمعتاد عدم بسطه .

                                        الرابع : استدل به بعض من أجاز السجود على الثوب المتصل بالمصلي . وهو يحتاج إلى أمرين :

                                        أحدهما : أن تكون لفظة " ثوبه " دالة على المتصل به ، إما من حيث اللفظ ، أو من أمر خارج عنه ( ونعني بالأمر الخارج قلة الثياب [ ص: 303 ] عندهم . ومما يدل عليه من جهة اللفظ : قوله " بسط ثوبه . فسجد عليه " يدل على أن البسط معقب بالسجود ، لدلالة الفاء على ذلك ظاهرا ) .

                                        والثاني : أن يدل دليل على تناوله لمحل النزاع . إذ من منع السجود على الثوب المتصل به : يشترط في المنع أن يكون متحركا بحركة المصلي . وهذا الأمر الثاني سهل الإثبات . لأن طول ثيابهم إلى حيث لا تتحرك بالحركة بعيد .




                                        الخدمات العلمية