الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4664 باب : ما يصيب المؤمن من الشوكة والمصيبة

                                                                                                                              وقال النووي : (باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك ، حتى الشوكة يشاكها) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم ، النووي ، ص127 ،128 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن الأسود ، قال : دخل شباب من قريش ، على عائشة -وهي [ ص: 135 ] بمنى- وهم يضحكون . فقالت : ما يضحككم ؟ قالوا : فلان ، خر على طنب فسطاط ، فكادت عنقه -أو عينه- أن تذهب . فقالت : لا تضحكوا . فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "ما من مسلم يشاك شوكة ، فما فوقها : إلا كتبت له بها درجة ، ومحيت عنه بها خطيئة" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن الأسود ، قال : دخل شباب من قريش على عائشة رضي الله عنها ، وهي بمنى . وهم يضحكون . فقالت : ما يضحككم ؟ قالوا : فلان خر على طنب فسطاط) .

                                                                                                                              "الطنب" بضمتين وسكون الثاني لغة : هو الحبل الذي يشد به الفسطاط . وهو الخباء ، ونحوه ، ويقال : "فستاط" بالتاء ، بدل الطاء . و"فساط" ، بتشديد السين ، وضم الفاء ، وكسرها : فيهن . فصارت : "ست لغات" .

                                                                                                                              (فكادت عنقه -أو عينه- أن تذهب . قالت : لا تضحكوا) .

                                                                                                                              فيه : النهي عن الضحك من مثل هذا ، إلا أن يحصل غلبة لا يمكن دفعه . وأما تعمده فمذموم . لأن فيه إشماتا بالمسلم ، وكسرا لقلبه .

                                                                                                                              (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : [ ص: 136 ] "ما من مسلم يشاك شوكة ، فما فوقها : إلا كتبت له بها درجة ، ومحيت عنه بها خطيئة") .

                                                                                                                              وفي رواية : "ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة ، أو حط عنه بها خطيئة" .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا قص الله بها من خطيئته" .

                                                                                                                              وفي رواية : "ما من مصيبة يصاب بها المسلم ، إلا كفر بها عنه حتى الشوكة يشاكها" .

                                                                                                                              وفي لفظ : "لا يصيب المؤمن من مصيبة ، حتى الشوكة الا قص الله بها من خطاياه ، أو كفر بها من خطاياه" .

                                                                                                                              وفي أخرى : "ما من شيء يصيب المؤمن ، حتى الشوكة تصيبه ، إلا كتب الله بها حسنة ، أو حطت عنه بها خطيئة" .

                                                                                                                              وفي رواية : "ما من مسلم يصيبه أذى : من مرض ، فما سواه إلا حط الله به سيئاته ، كما تحط الشجرة ورقها" .

                                                                                                                              وهذه الأحاديث فيها رفع الدرجات بهذه الأمور ، وزيادة الحسنات . وهذا هو الصحيح الذي عليه الجمهور من العلماء .

                                                                                                                              وحكى عياض عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ، ولا ترفع درجة ، ولا تكتب حسنة .

                                                                                                                              [ ص: 137 ] قال : وروي نحوه عن "ابن مسعود" ، قال : "الوجع لا يكتب به أجر ، لكن تكفر به الخطايا فقط" . واعتمد على الأحاديث التي فيها تكفير الخطايا . ولم تبلغه هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات .

                                                                                                                              قال العلماء : والحكمة في كون الأنبياء عليهم السلام أشد بلاء ، ثم الأمثل فالأمثل أنهم مخصوصون بكمال الصبر ، وصحة الاحتساب ، ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ، ليتم لهم الخير ، ويضاعف لهم الأجر ، ويظهر صبرهم ورضاهم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية