الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل عن شارب الخمر هل يسلم عليه ؟ وهل إذا سلم رد عليه ؟ وهل تشيع جنازته ؟ وهل يكفر إذا شك في تحريمها ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب الحمد لله . من فعل شيئا من المنكرات كالفواحش والخمر والعدوان وغير ذلك فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } فإن كان الرجل متسترا بذلك ; وليس معلنا له أنكر عليه سرا وستر عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { من ستر عبدا ستره الله في الدنيا والآخرة } إلا أن يتعدى ضرره والمتعدي لا بد من كف عدوانه وإذا نهاه المرء سرا فلم ينته فعل ما ينكف به من هجر وغيره إذا كان ذلك أنفع في الدين .

                وأما إذا أظهر الرجل المنكرات وجب الإنكار عليه علانية ولم [ ص: 218 ] يبق له غيبة ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره فلا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام إذا كان الفاعل لذلك متمكنا من ذلك من غير مفسدة راجحة .

                وينبغي لأهل الخير والدين أن يهجروه ميتا كما هجروه حيا إذا كان في ذلك كف لأمثاله من المجرمين فيتركون تشييع جنازته كما { ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على غير واحد من أهل الجرائم } وكما قيل لسمرة بن جندب : إن ابنك مات البارحة . فقال : لو مات لم أصل عليه : يعني لأنه أعان على قتل نفسه فيكون كقاتل نفسه . وقد { ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على قاتل نفسه } . وكذلك هجر الصحابة الثلاثة الذين ظهر ذنبهم في ترك الجهاد الواجب حتى تاب الله عليهم . فإذا أظهر التوبة أظهر له الخير .

                وأما من أنكر تحريم شيء من المحرمات المتواترة كالخمر والميتة والفواحش أو شك في تحريمه فإنه يستتاب ويعرف التحريم فإن تاب وإلا قتل وكان مرتدا عن دين الإسلام ولم يصل عليه ولم يدفن بين المسلمين .




                الخدمات العلمية