الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين ( 154 ) قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ( 155 ) ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ( 156 ) )

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ثمود لنبيها صالح : ( ما أنت يا صالح إلا بشر مثلنا ) من بني آدم ، تأكل ما نأكل ، وتشرب ما نشرب ، ولست برب ولا ملك ، فعلام نتبعك ؟ فإن كنت صادقا في قيلك ، وأن الله أرسلك إلينا ( فأت بآية ) يعني : بدلالة وحجة على أنك محق فيما تقول ، إن كنت ممن صدقنا في دعواه أن الله أرسله إلينا .

وقد حدثنا أحمد بن عمرو البصري ، قال : ثنا عمرو بن عاصم الكلابي ، قال : ثنا داود بن أبي الفرات ، قال : ثنا علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن صالحا النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى قومه ، فآمنوا به واتبعوه ، فمات صالح ، فرجعوا عن الإسلام ، فأتاهم صالح ، فقال لهم : أنا صالح ، قالوا : إن كنت صادقا فأتنا بآية ، فأتاهم بالناقة ، فكذبوه وعقروها ، فعذبهم الله .

وقوله : ( قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ) يقول تعالى ذكره : قال صالح لثمود لما سألوه آية يعلمون بها صدقه ، فأتاهم بناقة أخرجها من صخرة أو هضبة : هذه ناقة يا قوم ، لها شرب ولكم مثله شرب يوم آخر معلوم ، ما لكم من الشرب ، ليس لكم في يوم وردها أن تشربوا من شربها شيئا ، ولا لها أن تشرب في يومكم مما لكم شيئا . ويعني بالشرب : الحظ والنصيب من الماء ، يقول : لها حظ من الماء ، ولكم مثله ، والشرب والشرب والشرب مصادر كلها بالضم والفتح والكسر .

وقد حكي عن العرب سماعا : آخرها أقلها شربا وشربا . [ ص: 387 ]

وقوله : ( ولا تمسوها بسوء ) يقول : لا تمسوها بما يؤذيها من عقر وقتل ونحو ذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : ( ولا تمسوها بسوء ) لا تعقروها . وقوله : ( فيأخذكم عذاب يوم عظيم ) يقول : فيحل بكم من الله عذاب يوم عظيم عذابه .

التالي السابق


الخدمات العلمية