الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 58 ] 366 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : كل ابن آدم يأكله التراب غير عجب الذنب

2288 - حدثنا يونس قال : حدثنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب ، منه خلق وعليه يركب .

2289 - حدثنا يزيد بن سنان قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، عن [ ص: 59 ] ابن عجلان ، عن أبي الزناد ثم ذكر بإسناده مثله .

2290 - حدثنا هارون بن كامل قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني محمد بن عجلان ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

2291 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثني ابن أبي الزناد ، عن أبيه ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال : وفيه يركب .

2292 - حدثنا حسين بن نصر قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال : حدثنا ابن أبي الزناد ثم ذكر بإسناده مثله .

2293 - حدثنا أبو أمية ومحمد بن علي قالا : حدثنا سعيد بن [ ص: 60 ] سليمان قال : حدثنا منصور بن أبي الأسود ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب ، وفيه يركب الخلق .

2294 - حدثنا فهد قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش قال : سمعت أبا صالح يحدث يقول : سمعت أبا هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه وفيه يركب الخلق يوم القيامة ، ثم ينزل الله عليه ماء فينبتون كما ينبت البقل .

فقال قائل : العيان يدفع ما في هذا الحديث ؛ لأنا نجد الميت [ ص: 61 ] يكشف عن لحده فلا يوجد فيه شيء ؛ لأنه قد فني بأكل التراب إياه ، ووجدناه يحرق فتأتي عليه النار حتى لا يبقى منه شيء .

فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما روي عنه لا يجوز غيره ، إذ كان الذين نقلوه عنه هم أهل الضبط له المؤتمنون عليه ، وأن من جهل ذلك فدفعه بجهله إياه جاهلا بلطف قدرة الله - عز وجل - لأنه لما كان من لطف قدرته عز وجل أن يعيد العظام المركبة في الأحياء رفاتا ، ثم يعيدها كما كانت قبل ذلك كما قال - عز وجل - : وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده .

وكما قال - عز وجل - : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم . فقال عز وجل : قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . وإذا كان ذلك كما ذكرنا في لطف قدرته كان غير مستنكر فيها أن يبقى أعجاب الأذناب من بني آدم أن يأكله التراب .

وكما وقى عبده ونبيه وخليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن تأكله النار التي تأكل ما لقيت من الأشياء لإلهامه عز وجل إياها ذلك ، بحفظه ذلك منهم حتى يظهره في الوقت الذي يشاء إظهاره فيه ، وإن غاب ذلك عن أعيننا فهو غير غائب عنه ، كما قد حكى لنا عز وجل عن عبده لقمان من قوله لابنه : يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير . وهذا اللطف غير مستنكر فيه في أعجاب أذناب بني آدم ما قد روي في هذا الحديث وغير مستحيل فيه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية