الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4319 ) فصل : القسم الثالث ، ما يحرم بيعه ، إلا الحر والوقف وأم الولد والمدبر ، فإنه يجوز إجارتها ، وإن حرم بيعها ، وما عدا ذلك فلا تجوز إجارته ، سواء كان ممن لا يقدر على تسليمه ، كالعبد الآبق ، والجمل الناد ، والبهيمة الشاردة ، والمغصوب من غير غاصبه ممن لا يقدر على انتزاعه منه ، فإنه لا تجوز إجارته ; لأنه لا يمكن تسليم المعقود عليه . وإن كان مما تجهل صفته ، فإنه لا تجوز إجارته ، في ظاهر المذهب . أو كان ممن لا نفع فيه ، كسباع البهائم ، أو الطير التي لا تصلح للاصطياد

                                                                                                                                            ولا تجوز إجارة الكلب ، ولا الخنزير ، بحال . ويتخرج جواز إجارة الكلب الذي يباح اقتناؤه ; لأن فيه نفعا مباحا تجوز له إعارته ، فجازت إجارته له كغيره . ولأصحاب الشافعي وجهان ، كهذين .

                                                                                                                                            ولا تجوز إجارة ما لا يقدر على تسليم منفعته ، سواء جاز بيعه أو لم يجز ، مثل أن يغصب منفعته ، بأن يدعي إنسان أن هذه الدار في إجارته عاما ، ويغلب صاحبها عليها ، فإنه لا تجوز إجارتها في هذا العام إلا من غاصبها ، أو ممن يقدر على أخذها منه

                                                                                                                                            قال أصحابنا : ولا تجوز إجارة المشاع لغير الشريك ، إلا أن يؤجر الشريكان معا . وهذا قول أبي حنيفة ، وزفر ; لأنه لا يقدر على تسليمه ، فلم تصح إجارته كالمغصوب ; وذلك لأنه لا يقدر على تسليمه إلا بتسليم نصيب [ ص: 322 ] شريكه ، ولا ولاية له على مال شريكه . واختار أبو حفص العكبري جواز ذلك . وقد أومأ إليه أحمد ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي يوسف ، ومحمد ; لأنه معلوم يجوز بيعه ، فجازت إجارته كالمفرد ، ولأنه عقد في ملكه ، يجوز مع شريكه ، فجاز مع غيره كالبيع ، ولأنه يجوز إذا فعله الشريكان معا ، فجاز لأحدهما فعله في نصيبه مفردا ، كالبيع

                                                                                                                                            ومن نصر الأول فرق بين محل النزاع وبين ما إذا آجره الشريكان ، أو آجره لشريكه ، بأنه يمكن التسليم إلى المستأجر ، فأشبه إجارة المغصوب من غاصبه دون غيره .

                                                                                                                                            وإن كانت الدار لواحد ، فآجر نصفها ، صح ; لأنه يمكنه تسليمه ، ثم إن آجر نصفها الآخر للمستأجر الأول صح فإنه يمكنه تسليمه إليه ، وإن آجره لغيره ، ففيه وجهان ، بناء على المسألة التي قبلها ; لأنه لا يمكنه تسليم ما آجره إليه

                                                                                                                                            وإن آجر الدار لاثنين لكل واحد منهما نصفها ، فكذلك ; لأنه لا يمكنه تسليم نصيب كل واحد منهما إليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية