الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4688 [ ص: 173 ] (باب النهي عن السباب

                                                                                                                              ومثله (في النووي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص140 ،141 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              معناه : أن "اسم السباب" الواقع من اثنين : مختص -بالبادئ منهما- كله ، إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار ؛ فيقول للبادئ أكثر مما قال له .

                                                                                                                              وفي هذا الحديث جواز الانتصار . قال النووي : ولا خلاف في جوازه ، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب ، والسنة . قال الله تعالى : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل . وقال تعالى : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .

                                                                                                                              قال : ومع هذا فالصبر والعفو أولى وأفضل ، لما قال تعالى : [ ص: 174 ] ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور . وللحديث الآخر : "ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا" .

                                                                                                                              قال : واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام ، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : "سباب المسلم فسوق" . ولا يجوز للمسبوب : أن ينتصر ، إلا بمثل ما سبه ، ما لم يكن كذبا ، أو قذفا ، أو سبا لأسلافه .

                                                                                                                              فمن صور المباح أن ينتصر : بيا ظالم ! يا أحمق ! أو جافي ! أو نحو ذلك ، لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف .

                                                                                                                              قالوا : وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته ، وبرئ الأول من حقه . وبقي عليه إثم الابتداء أو الإثم المستحق لله تعالى .

                                                                                                                              وقيل : يرتفع عنه جميع الإثم بالانتصار منه ، ويكون معنى "على البادئ" ، أي : عليه اللوم والذم لا الإثم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية